للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكفر أيضًا، وأجيب: بتصوره في الردة، كأن يرتد قبل الغروب لخمس، وعليه الظهران، ويسلم بعد خروج وقتهما، فيسقطان عنه.

[[أمر الصبيان بالصلاة: ]]

وأمر صبي بها، أي: الصَّلاة المفهومة من السّيَاق لسبع، وهو سن الأثغار من غير ضرب على تركها حينئذ، وَضُرِبَ عليها إن تركها لعشر كذا في سماع ابن القاسم؛ لخبر: "مروهم بالصّلاة لسبع" (١)، يحتمل أن الأمر هو الشارع، ويحتمل الولي، ومنشأ الاحتمالين اختلاف الأصوليين في أن الأمر بالأمر بالشيء هل هو أمر بذلك الشيء أو لا، والثاني اختيار ابن الحاجب (٢).


(١) أخرجه الدارقطني (١/ ٢٣١، رقم ٦)، والطبراني في الأوسط (٤/ ٢٥٦، رقم ٤١٢٩) قال الهيثمي (١/ ٢٩٤): فيه داود بن المحبر ضعفه أحمد والبخاري وجماعة ووثقه ابن معين.
(٢) قال الزركشي: (٢/ ١٣٩ - ١٤٠): "مسألة الأمر بالأمر بالشيء: الأمر بالأمر بالشيء ليس أمرًا بذلك الشيء، ما لم يدل عليه دليل، وإلا لزم التخلف في مثل قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مروهم بالصلاة لسبع"، كذا قال القاضي والغزالي والآمدي وغيرهم، وذلك لأن الأمر كما كان على ضربين بوسط وبغير وسط جعلوا الأمر بوسط ليس أمرًا حقيقيًا، ونقل العالمي عن بعضهم أنه أمر، ونصره العبدري وابن الحاج في كلامهما على المستصفى، وقالا: هو أمر حقيقة لغة وشرعًا بدليل قول الأعرابي: آللَّه أمرك بهذا؟ ! فقال: "نعم". ففهم الأعرابي الجافي من أمر اللَّه لنبيه أن يأمرهم بذلك أنه مأمور بذلك المأمور به، وذلك بواسطة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فبادر إلى الطاعة، قائلًا: وأي فرق بين قوله للناس: افعلوا كذا، وقوله لنبيه: مرهم أن يفعلوا.
واحتج بعضهم أيضًا بحديث ابن عمر، فإنه قد جاء في رواية: "مره فليراجعها"، وفي رواية: "فأمره رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أن يراجعها"، ففي هاتين الروايتين الأمر له، وهو رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فلو لم يكن قوله في الرواية الأولى: "مره فليراجعها"، دالًا على أنه مأمور من النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لما كان مرويًا في الروايتين الأخيرتين بالمعنى؛ لأن المعنى يكون مختلفًا حينئذ، وكلام سليم الرازي في التقريب يقتضي أنه يجب على الثاني الفعل جزمًا، وإنما الخلاف في تسميته أمرًا أم لا فإنَّه قال: إذا أمر اللَّه نبيه -صلى اللَّه عليه وسلم- بأن يأمر أمته بشيء فإن ذلك الشيء يجب فعله عليهم من حيث المعنى وهكذا إذا أمر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- الواحد من أمته أن يأمر غيره بشيء كان دالًا على وجوب الفعل عليه ويصير ذلك =

<<  <  ج: ص:  >  >>