وقال في الأسير يكتسب الماشية بأرض الحرب أن حكمه حكم من تخلف عنه الساعي فإذا خلص بها زكاها لماضي السنين. قال القاضي أبو الوليد -رضي اللَّه عنه-: والقياس عندي أن يكون حكمه حكم من لم تجر العادة بخروج السعاة إليه يخرج زكاة ماشيته كما يخرج زكاة العين، وإنما فرق بينهما من تقدم ذكره؛ لأن الأسير معتقد للخروج إلى موضع الساعي متى أمكنه بخلاف من لا يأتيه الساعي لبعد مكانه فإنه لا يعتقد الخروج إليهم، واللَّه أعلم وأحكم. (فرع): وأما الضرب الثاني فمن جرت العادة بخروج السعاة إليه فإنهم يخرجون في سنة الخصب وأما سنة الجدب ففي المجموعة عن أشهب قال مالك: لا يبعثون في سنة الجدب وروي عنه لا يؤخر السعاة في سنة الجدب، وإن عجفت الغنم وجه القول الأول ما احتج به مالك أنه إن خرج الساعي في عام جدب فإنما يأخذ ما لا يجب فإن بيع فلا ثمن له وذلك يجحف بأرباب الأموال ولا ينفع المساكين، ووجه القول الثاني: أن هذا معنى لسبب عجف الماشية فلا يمنع أخذ الصدقة كمرض الماشية. (فرع): فإذا قلنا يخرج السعاة في الجدب فقد تقدم من قول مالك ما يقتضي أنه يأخذ من العجاف عجافًا قال محمد: يشتري له ما يعطيه وجه القول الأول أن صفة الغنم في العجف لا تنقل الزكاة إلى غير عينها كما لو كانت سمانًا ووجه قول محمد أن العجف عيب فيها كما لو كانت ذات عوار".