وظاهر قوله (بإمكان الوصول) عدم اعتبار ما يرجع به، وهو كذلك، إلا أن يخاف الضيعة بعد وصوله، كما سيأتي في كلامه، وكأن البساطي غفل عنه مع قربه، فقال: ظاهر كلامه اعتبار القدرة على الوصول فقط.
وأشعر قوله (ظالم) أن ما يأخذه الجند من الحجيج ليدفعوا عنهم كل يد عادية جائز؛ لشبهه بالنفقة اللازمة في الكراع والسلاح والزاد، ولكنه يشبه الظالم من وجه آخر؛ لأن توظيفه من أجل قطاع الطريق، ذكره سند عن أبي بكر محمد بن الوليد.
[[مطلق القدرة: ]]
ولما كان المعتبر في الاستطاعة الزاد والراحلة لا مطلق القدرة على الوصول على المشهور نبه على الخلاف فيه، فقال: ويجب ولو بلا زاد وراحلة لذي صنعة تقوم به لزاده وقدر على المشي، أو تقوم به لراحلته وقدر على الزاد، أو تقوم به لهما، كأعمى له زاد وراحلة وقدر على المشي بقائد؛ لأنه كالبصير حينئذ.
وإلا تكن له صنعة تقوم به ولا قدر على المشي اعتبر في حقه لجانب السقوط المعجوز، هذا في حق البعيد، وأما من قربت داره كمسافة لا تقصر فيها الصلاة لم تعتبر الراحلة في الوجوب إجماعًا.
ووجب بإمكان الوصول إن يثمن ولد زنا نبه به على قول المخالف: لا يحج بثمنه.
وقول البساطي:(لو ترك خشونة هذا اللفظ في مثل الحج لكان أحسن) لا يتوجه على المصنف؛ لأنه لفظ مالك من رواية ابن القاسم.
أو بثمن ما يباع على مفلس لغرمائه من ربع وعقار وماشية وثياب ولو ثوبي جمعته إن كانت لهما قيمة، وخادمة كما يأتي في محله، وكذا كتب العلم، فإنها تباع على المفلس.
ووجب إن كان معه ما يحج به، وإن صار فقيرًا بعد ذلك، وإليه أشار بقوله: أو بافتقاره -أي: مع حجه- لأنه مستطيع على المشهور.