وقد اعتمد الشارح هذا التفسير وتبعه تت، وهو غير صحيح، وليس في شيء من صوره بيع قبل القبض أما ما وكل على شرائه فباعه لنفسه فقد قبضه الوكيل قبل بيعه لنفسه ويده كيد موكله، وأما ما وكل على بيعه فباعه لنفسه فليس فيه بيع أصلًا، وقد علل المنع في ضيح بكونه يقبض من نفسه لنفسه وليس أبًا ولا وصيًا طفى هذا لم يقله أحد فيما علمت، وكتب المالكية مصرحة بجوازه مع الإذن ومنعه مع عدمه كما يأتي في الوكالة، ولا دليل له في كلامها لوجود علة المنع في بيع الطعام قبل قبضه فيه لأن من له دين الطعام إذا وكله مدينه على شرائه وقبضه لنفسه يتهم على عدم الشراء، وإمساك الثمن لنفسه فيكون قد باع به الدين قبل قبضه فليست علة المنع فيها هي القبض لنفسه، بل اتهامه على بيعه ما في ذمة موكله من الطعام قبل قبضه ويحتمل على بعد حمل كلام ابن الحاجب والمصنف على مسألة المدونة المذكورة، ويكون معناه أنه لا يجوز له أخذ ثمن من المسلم إليه ليشتري به طعامًا ويقبضه من نفسه. وأما التفسير الثاني الذي في ضيح عن ابن عبد السلام فهو أن من كان عنده طعام وديعة وشبهها فاشتراه من مالكه فلا يجوز له بيعه بالقبض السابق على الشراء لأنه ليس قبضًا تامًا، إذ لو أراد ربه إزالته من يده كان له ذلك إلا أن يكون قبضا قويا كقبض الولد لولديه الصغيرين، فإذا باعه من أحدهما إلى الآخر متوليًا البيع والشراء كان له بعد ذلك بيعه على من اشتراه له قبل قبضه قبضًا ثانيًا حسيا، وكذا الوصي في محجوريه، والأب فيما بينه وبين ابنه الصغير، وفي النفس شيء من جواز هذه المسألة سيما والصحيح عند أهل المذهب أن النهي عن بيع الطعام قبل قبضه تعبدي، فإن لم يكن فيها اتفاق فأصول المذهب تدل على جريان الخلاف فيها، والأقرب منعها واللَّه أعلم. ورد ابن عرفة قوله والأقرب منعها بأن ما ذكره ابن الحاجب وابن شاس هو ظاهر سلمها الثالث، وذكر الناصر أن تفسير ابن عبد السلام هو المتعين، وعليه حمل "ق" كلام المصنف".