للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يضرب ضربًا وجيعًا، ويشهر، ويحبس طويلًا حتى تظهر توبته؛ لأنه استخف بحقه -صلى اللَّه عليه وسلم-.

ويحتمل أنه يريد بقوله: (أو احتمل) وما بعده من قوله: أو شهد عليه عدل أو لفيف فعاق عن القتل عائق ما، قال في الشفا بعد الكلام على قتل الساب: فصل هذا حكم من ثبت عليه، وذلك مما يجب ثبوته من بينة أو عدول لم يدفع فيهم، فأما من لم تتم الشهادة عليه بما شهد عليه الواحد أو اللفيف من الناس، أو ثبت بقوله، ولكن احتمل ولم يكن صريحًا، وكذلك إن تاب على القول بقبول توبته، فهذا يدرأ عنه القتل، ويتسلط عليه اجتهاد الإمام بقدر شهرة حاله وقوة الشهادة عليه وكثرة السماع عنه وصورة حاله من التهمة في الدين، والنبز بالسفه والمجون، فمن قوي أمره أذاقه من شديد النكال من التضييق في السجن والشد في القيود إلى الغاية التي هي منتهى طاقته مما لا يمنعه القيام لضرورته، ولا يقعده عن صلاته، وهو حكم كل من وجب عليه القتل، لكن وقف عن قتله لمعنى أوجبه وتربص به؛ لإشكال وعائق اقتضاه أمره، وحالات الشدة في نكاله تختلف بحسب اختلاف حاله.

[تنبيه]

وقع في نسخة بعض من تكلم على هذا المحل: (أو احتمل قوله أو شهد عليه عدل أو لفيف أو عاق عن القتل عائق)، قال: فهذه أربع صور، وكلها في الشفا، كما قدمنا.

ثم قال: وفي كثير من نسخ هذا المختصر: (فعاق) بعطفه بالفاء، وإضمار فاعله، أي: فعاق الاحتمال أو كون الشاهد واحدًا أو لفيفًا، فهي ثلاث مسائل فقط. انتهى.

واللفيف: اختلاط الناس، وفي الصحاح: ما اجتمع من الناس من قبائل شتى، يقال: جاءوا بلفهم ولفيفهم، أي: واختلاطهم، وقوله تعالى: {جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا}، أي: مجتمعين مختلفين، وطعام لفيف إذا كان مخلوطًا من جنسين فصاعدًا، وفلان لفيف فلان، أي: صديقه، وباب من العربية

<<  <  ج: ص:  >  >>