قال الأقفهسي: على كل حر مكلف قادر، لا ضد كل، ثم عدد نظائر مشاركة له في فرض الكفاية، فقال كالقيام بعلوم الشرع من فقه، وما يتوقف عليه من تفسير وحديث وأصول وكلام ونحو ولغة، وهذا فيما لا يجب على المكلف من طهارة وصيام وصلاة وزكاة وحج، فأما ما وجب من ذلك ففرض عين، والفتوى، ويرجع هذا وما قبله للتعليم والتعلم، ودفع أو رفع الضرر عن المسلمين ومن في حكمهم من أهل المدينة، ومنه إطعام جائع وستر عورة حيث لم تف الصدقات بسد الحاجات، ولم يكن في بيت المال ما يعطونه. قال مالك: كان عمر -رضي اللَّه عنه- يخرج إلى الحوائط فيخفف عمن أثقل في عمله من الرقيق والأحرار ويزيد في رزق من أقل في رزقه. والقضاء لما فيه من مصالح العباد، كفصل الخصومة ودفع التهارج وإقامة الحدود وكف الظالم ونصرة المظلوم، والشهادة. مالك:{وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا}، أي: إذ ما دعوا للأداء، وأما قبل فأرجو أن يكون في سعة إذا كان ثم من يشهد والإمامة الكبرى ويظهر لي وإمامة الصلاة، البساطي: الشهادة والقضاء والإمامة ترجع إلى دفع الضرر. والأمر بالمعروف لقوله تعالى:{وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ} الآية، ولم يصرح بالنهي عن المنكر لدخوله في الأمر بالمعروف؛ لأن الأمر بالشيء نهى عن ضده، وللأمر بالمعروف شروط: علمه بكل منهما، وأن لا يؤدي إنكاره المنكر لأعظم منه، وعلمه تأثير ذلك ونفعه، وفقد الشرطين الأولين يمنع الجواز، والثالث يسقط الوجوب فقط، ويبقى الجواز والندب.
فائدة: قال ابن ناجي: يشترط ظهور المنكر في الوجود من غير تجسس ولا استراق سمع ولا استنشاق ريح ليتوصل بذلك لمنكر، ولا يبحث عما خفي بيد أو ثوب أو حانوت أو دار؛ فإنه حرام. والحرف المهمة لا يستقيم صلاح الناس إلا بها، كخياطة وحياكة ونحوهما، وخرج غير المهمة ولعل من أمثلتها قصارة وكمد ونحوهما.
ورد السلام فرض كفاية على المشهور، ويسقط برد واحد من جماعة، ويتعين في حق واحد، وهذا في حق غير قارئ ومستمع خطبة وقاضي حاجة وملب ومؤذن؛ فلا رد عليهم.