وهذه هي الحالة الأولى من الحالات الثلاث التي ذكرها في توضيحه للراعف، حيث قال:
الأولى: لا يسيل ولا يسقط فلا يجوز له أن يخرج، وإن قطع أفسد عليه وعليهم إن كان إمامًا.
الحالة الثانية مما في توضيحه: وكأنه سقط فيها من الكتاب هنا كأن سال أو قطر.
يدل عليه ذكر الشرط، وهو قوله: كإن لطخه، والتشبيه في الساقط راجع لحكم القطع فقط، لا له ولما قبله، كقوله في توضيحه: والثانية: أن يقطر أو يسيل ويتلطخ به فلا يجوز له التمادي، وإن لم يقدر الساقط كما ذكرنا، وإلا فكما قال البساطي: اللَّه أعلم بصحة هذا الكلام.
ولما رأى المصنف أن تلوث المسجد كتلطخه قال: أو خشي تلوث مسجد، أي: تلطخه، والثاء الأخيرة مثلثة، وغاير بينهما تفننًا.
[تنبيهان]
الأول: قول البساطي: (ليس في كلامه ما يدل على أن المراد زنة الدرهم أو مساحته) هو كذلك، ولعله إنما سكت عنه كغيره لذكرهم في المعفوات أن المراد المساحة.
والثاني: لما كان مفهوم الشرط لا يعلم منه التخيير بين القطع والتمادي صرح به، فقال: وإلا بأن سال أو قطر ولم يتلطخ به فله القطع، وله التمادي، وهي الحالة الثالثة التي قال في توضيحه: الثالثة: أن يسيل أو يقطر ولم يتلطخ به فيجوز له القطع والتمادي.
ولما اختلف قول مالك هل البناء أفضل أو القطع أشار لاختيار الأول بقوله: وإذا غسل الدم ندب له البناء؛ لأن عليه الصحابة والتابعين وجمهور أصحاب مالك، وأخذ ابن القاسم بقوله الآخر، وهو: القطع، ورجح بأنه الذي يوجبه القياس والنظر.