ولو كان الظرف مملوءًا برًا واشتراه بدينار على أن يملأه من ذلك المبيع المرئ ثانيًا بعد تفريغه بنظير الثمن مثلًا لم يجز؛ لأن الثاني غير مرئ حين العقد، قاله ابن القاسم وغيره، واختيار ابن يونس جواز اشترائه على القارورة ثانيًا.
وأشار لخلافه بـ (لو)، واستثنى من قوله:(وإن ملء ظرف)، فقال: إلا في كسلة تبن، يشتريها مملوءة بدرهم ومثلها ثانيًا كذلك فجائز؛ لأنه كالكيل المتعارف، بخلاف الظرف، ولو أدخل الكاف على (تبن) ليدخل غيره كالعنب لكان أحسن.
وفرق المازري بين الغرارة والسلة بأن القمح مكيل فملء الغرارة بيع بمكيال مجهول والعنب غير مكيل، فلم يكن ملء السلة كذلك، وفرق غيره بأن القمح يدرك، بخلاف العنب.
ثم عطف على قوله (مرئي) قوله: وعصافير حية بقفص فيمنع جزافًا؛ لدخول بعضها في بعض، فيتعذر حرزها، وقول مالك:(يجوز بيعها في القفص جزافًا) حمله ابن القاسم على المذبوحة؛ ولذا قال المصنف: حية.
[تنكيت]
عطف الشارح له على (ملء ظرف)، وجعله من الجائز بعيد لوجهين:
الأول: أن عطفه على ما ذكره يقتضي المنع، فتقريره على الجواز ينافيه على أنه نقل عن القاضي أبي الوليد الاتفاق على منع بيع الطير جزافًا في القفص.
والثاني: تنافيه للرواية ليس فيها لفظ حية، ولو كان كذلك لم يكن ابن القاسم تأولها بالمذبوحة.
وقول البساطي:(يحتمل الجواز على أنه معطوف على كسلة تبن) غير ظاهر.
وحمام برج لا يجوز جزافًا على أحد قولين، لم يرجح في توضيحه واحدًا منهما.