للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والفرض الثاني: غسل يديه بمرفقيه، أي: معهما، أو إليهما، والغاية داخلة في المغيا عند من جعلها غاية للمغسول؛ لأنه المذكور في الآية، واستعملت اليد في بعضها مجازًا كالسرقة، لا عند من جعلها غاية للمتروك؛ لأن اليد: اسم للعضو كله، والعامل: فعل مضمر، أي: اغسلوا، أو اتركوا مِن آباطكم إلى المرافق، ولا تدخل الغاية (١).

[تذييل]

قوله: (يديه) بناءً على الغالب، فقد نقل عن عبد الحميد الصائغ (٢): لو نبت له ذراعان في ذراعه لوجب غسلهما، أو في عضده وامتدا للذراع


(١) قال القرطبي في تفسير آية الوضوء (٦/ ٨٦): "السادسة: قوله تعالى: {وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ}، واختلف الناس في دخول المرافق في التحديد:
فقال قوم: نعم؛ لأن ما بعد (إِلى) إذا كان من نوع ما قبلها دخل فيه؛ قاله سيبويه وغيره، وقد مضى هذا في (البقرة) مبينًا.
وقيل: لا يدخل المرفقان فى الغسل، والروايتان مرويتان عن مالك: الثانية لأشهب، والأولى عليها أكثر العلماء، وهو الصحيح؛ لما رواه الدارقطني عن جابر أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان إذا توضأ أدار الماء على مرفقيه.
وقد قال بعضهم: إن (إِلى) بمعنى (مع)، كقولهم: الذود إلى الذود إبل، أي: مع الذود، وهذا لا يحتاج إليه، كما بيناه في النساء؛ ولأن اليد عند العرب تقع على أطراف الأصابع إلى الكتف، وكذلك الرجل تقع على الأصابع إلى أصل الفخذ؛ فالمرفق داخل تحت اسم اليد، فلو كان المعنى: (مع المرافق) لم يفد، فلما قال: (إلى) اقتطع من حد المرافق عن الغسل، وبقيت المرافق مغسولة إلى الظفر، وهذا كلام صحيح يجري على الأصول لغة ومعنى.
قال ابن العربي: وما فهم أحد مقطع المسألة، إلا القاضي أبو محمد؛ فإنه قال: إن قوله: {إِلَى الْمَرَافِقِ} حد للمتروك من اليدين، لا للمغسول فيه؛ ولذلك تدخل المرافق في الغسل".
(٢) هو: أبو محمد عبد الحميد بن محمد القيرواني، المعروف بابن الصائغ، الإمام المحقق العلامة الفهامة الحافظ الجيد الفكر القوي العارضة، ويكفيه فخرًا أن الإمام المازري تفقه به. له تعليق مهم على المدونة معروف، كمل فيه الكتب التي بقيت على التونسي، وأصحابه يفضلونه على اللخمي، توفي سنة ٤٨٦ هـ. ينظر: شجرة النور الزكية، ص ١١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>