للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وله أكل شاة وجدها بفيفاء، كصحراء وما لا عمارة به، وله التصدق بها، ولا ضمان عليه.

وظاهره كالمدونة: ولو وجدها بموضع يؤمن عليها فيه من السباع.

ومفهوم (فيفاء) أنه لو وجدها بعمارة أو قربها عرفها ولا يأكلها، وهو كذلك، وكذلك لو أتى بها العمران حية، كبقر له التقاطها بمحل خوف عليها من سباع ونحوها أو عطش أو جوع، لا بمطلق فيفاء.

وإلا تكن بمحل خوف تركت، فإن أخذت عرفت، كإبل؛ فإنها لا تلتقط، وإن أخذت عرفت سنة، ثم إن لم يوجد ربها تركت بمحلها الذي أخذت منه، بأن ترد له، قاله في المدونة، وليس له أكلها ولا بيعها ولا تملكها، لخبر: "دعها فإن معها حذاءها وسقاءها، ترد الماء وتأكل الشجر" (١).

[تنبيه]

قال عياض حذاءها أخفافها؛ لما فيها من الصلابة، فأشبهت الحذاء، وهو النعل، وسقاؤها كرشها؛ لكثرة ما تشرب فيه من الماء تكفي به الأيام، فأشبه السقاء، وهو القربة، وكلاهما من مجاز التشبيه (٢).


(١) رواه البخاري (٢/ ٨٥٦، رقم: ٢٢٩٦)، ومسلم (٥/ ١٣٤، رقم: ٤٥٩٩).
(٢) قال ابن جني في الخصائص (٢/ ٤٤٢ - ٤٤٤): "باب في فرق بين الحقيقة والمجاز.
الحقيقة: ما أقر في الاستعمال على أصل وضعه في اللغة. والمجاز: ما كان بضد ذلك.
وإنما يقع المجاز ويُعدل إليه عن الحقيقة لمعانٍ ثلاثة وهي: الاتساع والتوكيد والتشبيه. فإن عدم هذه الأوصاف كانت الحقيقة البتة.
فمن ذلك قول النبي في الفرس: هو بحر. فالمعاني الثلاثة موجودة فيه. أما الاتساع فلأنه زاد في أسماء الفرس التي هي فرس وطرف وجواد ونحوها البحر حتى إنه إن احتيج إليه في شعر أو سجع أو اتساع استعمل استعمال بقية تلك الأسماء لكن لا يُفضى إلى ذلك إلا بقرينة تسقط الشبهة. وذلك كأن يقول الشاعر:
(عَلوتَ مَطَا جوادِك يوم يوم ... وقد ثُمد الجياد فكان بحرًا)
وكأن يقول الساجع: فرسك هذا إذا سما بغرنه كان فجرًا وإذا جرى إلى غايته كان =

<<  <  ج: ص:  >  >>