المضمون، وهو كذلك كما ذكره هو وغيره. أو لم يقدر من أمر بالرجوع ثانيًا على مشي ما ركبه أولًا فليهد ولا يرجع، وهو مذهب المدونة. وكإفريقي ممن بعدت داره جدًا فليهد ولا يرجع.
تنبيه: تلخص من كلامه أن من ركب كثيرًا إن كان موضعه قريبًا كالمدينة ونحوها رجع ثانيًا، وهو كذلك اتفاقًا، والرجوع في المتوسط وهو كذلك على المشهور، وعدم الرجوع في البعيد جدًا كأفريقة، وهو كذلك اتفاقًا. ولما كان المشي لا يطلب اتصاله على وجه الشرطية شبهه بما لم يلزمه فيه الرجوع، فقال: وكإن فرقط، أي: في الزمان ومشى على غير العادة، فإقامة في طريقه إقامة طويلة، فإن كانت لعذر أو عدم رفقة فبإنفاق، ولو بلا عذر على ظاهر المدونة، وهو أحد الطرق ورجحه ابن راشد، والطريق الآخر استظهره ابن عبد السلام، ولهذين الترجيحين قال في الشامل: وفي الترجيح خلاف، وقولنا:(على غير العادة)؛ لأن الإقامة المعتادة غير مضرة، كمغربي يقيم بمقر الشهر ونحوه ليأتي أيام الحج، وكالإقامة بالعقبة وغيرها. ولما ذكر التفريق بالزمان ذكره في الرجوع، فقال: وفي لزوم مشي الجميع، أي: جميع الطريق عند رجوعه لبطلان مشيه أولًا بمشي عقبة وركوب أخرى في أحد التأويلين؛ لأنه لا يتحقق بطريق العادة ضبط مواضع مشيه أولًا من ركوبه، لا سيما مع الموضع جدًا، وهو موافق لما في الموازية: من مشى عقبه وركب أخرى ابتدأ المشي كله وعدم لزومه فيمشي أماكن ركوبه فقط، وهو ظاهر قول المدونة "إذا عرف أماكن ركوبه من الأرض عاد ثانية ومشى من ركب" وهو مذهب الموطأ تأويلان.
تنبيه: قاعدة المؤلف في التأويلين اختلاف شيوخ المدونة في فهمها، ولم أقف على من تأولها على الأول، نعم يحتمل أن يكون معنى التأويلين هل ما في الموازية مخالف لما في المدونة أو لا فالهدي السابق واجب، سواء وجب الرجوع معه أو لا إلا فيمن شهد المناسك كلها أو بعضها راكبًا فندب؛ لقول مالك: يهدي أحب إليّ من غير إيجاب. ابن القاسم: لأن بعض الناس لا يرى المشي إلا إلى مكة فقط. ثم بالغ على وجوب الهدي بقوله: ولو مشي الجميع؛ لأن ركوبه أوجب أمرين: الرجوع والهدي، فلا