وهو لغة: التعب والمشقة ولم يعرفه المصنف اصطلاحًا، وعرفه ابن عرفة بأنه قتال مسلم كافرًا غير ذي عهد لإعلاء كلمة اللَّه تعالى، أو حضوره، له أو دخول أرضه به، فيخرج قتال الذمي المحارب على المشهور، لأنه غير نقض. الجهاد في أهم جهة للعدو مع خوف غيرها أقل والجار والمجرور متعلق بما قبله، كل سنة مرة يبعث الإمام طائفة يخرج معها من يثق به ليدعوهم للإسلام ويرغبهم فيه، ويكف أذاهم، ويظهر دين اللَّه، ويقاتلهم حتى يسلموا، أو يؤدوا الجزية، أو يخرج بنفسه ثم بالغ بقوله: وإن خاف محاربًا أو لصًا، يحتمل في طريقه، وهو قول صاحب الجواهر: ولا يسقط بالخوف في الطريق من المتلصصين؛ لأن قالتهم أهم، ويحتمل إذا كان المحارب في جهة، والعدو في أخرى، وخيف من المحارب في جهة عند الاشتغال بقتال العدو؛ لأن فساد الشرك أعظم لا يعد له فساد كزيارة الكعبة في كل عام فرض كفاية عند الجمهور، وهو خبر الجهاد، وكل سنة ظرف له، فلا يجوز تركه لغير عذر، ودليله قوله تعالى:{لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} الآية لوعده فيها القاعد والمجاهد بالحسنى؛ إذ لو كان على الأعيان لكان من غير ضرورة عاصيًا، وقد تواتر إرساله عليه الصلاة والسلام قومًا دون آخرين، ووجوبه كفاية إن لم يكن مع والٍ جائر، بل ولو مع والٍ جائر، وإليه رجع مالك، لخبر "الجهاد ماض منذ بعث اللَّه نبيه، لا ينقضه جور من جارّ، ولا عدل من عدل"(١)، ومقابله مشهور أيضًا.
(١) رواه أبو يعلى (٧/ ٢٨٧، رقم ٤٣١١)، والديلمي (٢/ ١٢٢، رقم ٢٦٣٩)، وسنده ضعيف غير أن معناه يشهد له ما بوب له البخاري في صحيحه (٣/ ١٠٤٨) بقوله: باب الجهاد ماض مع البر والفاجر، واستشهد لهذه الترجمة بقوله: لقول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة".