للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= والترمذي والنسائي عن علي -رضي اللَّه عنه- أنه سئل هل خصك رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بشيء؟ فقال: لا، إلا ما في هذا، وأخرج كتابًا من قراب سيفه وإذا فيه "المؤمنون تتكافأ دماؤهم وهم يد على من سواهم ولا يقتل مسلم بكافر ولا ذو عهد في عهده" وأيضًا فإن الآية إنما جاءت للرد على اليهود في المفاضلة بين القبائل، وأخذهم من قبيلة رجلًا برجل، ومن قبيلة أخرى رجلًا برجلين. وقالت الشافعية: هذا خبر عن شرع من قبلنا، وشرع من قبلنا ليس شرعا لنا؛ وقد مضى في "البقرة" في الرد عليهم ما يكفي فتأمله هناك.
ووجه رابع: وهو أنه تعالى قال: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} وكان ذلك مكتوبًا على أهل التوراة وهم ملة واحدة، ولم يكن لهم أهل ذمة كما للمسلمين أهل ذمة؛ لأن الجزية فيء وغنيمة أفاءها اللَّه على المؤمنين، ولم يجعل الفيء لأحد قبل هذه الأمة، ولم يكن نبي فيما مضى مبعوثا إلا إلى قومه؛ فأوجبت الآية الحكم على بني إسرائيل إذ كانت دماؤهم تتكافأ؛ فهو مثل قول الواحد منا في دماء سوى المسلمين النفس بالنفس، إذ يشير إلى قوم معينين، ويقول: إن الحكم في هؤلاء أن النفس منهم بالنفس؛ فالذي يجب بحكم هذه الآية على أهل القرآن أن يقال لهم فيما بينهم على -هذا الوجه-: النفس بالنفس، ولبس كتاب اللَّه ما يدل على أن النفس بالنفس مع اختلاف الملة.
الثانية - قال أصحاب الشافعي وأبو حنيفة: إذا جرح أو قطع الأذن أو اليد ثم قتل فعل ذلك به؛ لأن اللَّه تعالى قال: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ} فيؤخذ منه ما أخذ، ويفعل به كما فعل. وقال علماؤنا: إن قصد به المثلة فعل به مثله، وإن كان ذلك في أثناء مضاربته ومدافعته قتل بالسيف؛ وإنما قالوا ذلك في المثلة يجب؛ لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- سمل أعين العرنيين؛ حسبما تقدم بيانه في هذه السورة.
الثالثة - قوله تعالى: {وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ} قرأ نافع وعاصم والأعمش وحمزة بالنصب في جميعها على العطف، ويجوز تخفيف {أَنَّ} ورفع الكل بالإبتداء والعطف. وقرأ ابن كثير وابن عامر وأبو عمرو وأبو جعفر بنصب الكل إلا الجروح. وكان الكسائي وأبو عبيد يقرآن {وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ} بالرفع فيها كلها. قال أبو عبيد: حدثنا حجاج عن هارون عن عباد بن كثير عن عقيل عن الزهري عن أنس أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قرأ {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ}. والرفع من ثلاث جهات؛ بالإبتداء والخبر، وعلى المعنى على موضع {إِنَّ النَّفْسَ}؛ لأن المعنى قلنا لهم: النفس بالنفس. والوجه الثالث: قاله الزجاج يكون عطفًا على المضمر في النفس؛ لأن الضمير في النفس في موضع رفع؛ لأن التقدير أن النفس هي مأخوذة بالنفس؛ فالأسماء معطوفة على هي. قال ابن المنذر: ومن قرأ بالرفع جعل =

<<  <  ج: ص:  >  >>