للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= عقيب العقد. والوجه الثاني: أن يشترط التبقية وهذا لا خلاف في منعه إلا ما روي عن يزيد بن أبي حبيب في العرية ووجه منعه أن المنفعة تقل في ذلك والغرر يكثر؛ لأنه لا يكون مقصودها إلا ما يؤول إليه من الزيادة وذلك مجهول ولأن الجوائح تكثر فيها فلا يعلم الباقي منها ولا على، أي: صفة تكون عند بدو صلاحها، وأما إذا بدا صلاح الثمرة فقد تناهى عظمها وكثر الانتفاع بها وقلت الجائحة فيها، والوجه الثالث: إطلاق العقد فيها فالمشهور عن مالك منعه وبه قال الشافعي، وروى ابن القاسم في البيوع الفاسدة من المدونة جوازه ويكون مقتضاه الجد وبه قال أبو حنيفة، والكلام في هذه المسألة في فصلين، أحدهما: أن إطلاق اللفظ يقتضي التبقية. والثاني: أن البيع غير جائز والدليل على ما نقوله قوله نهى عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها وهذا اللفظ يقتضي النهي عنه على الإطلاق؛ لأنه لم يقيد ذلك بشرط قطع ولا غيره فإن قالوا: هذه حجتنا؛ لأنه قال: حتى يبدو صلاحها، وهذا يدل على أن البلح يجوز بيعه؛ لأنه يقصد للأكل، والحصرم يجوز بيعه؛ لأن الحصرم يقصد للطبخ والجواب أن الحصرم لم يبد صلاحه؛ لأنه لا يستطاب أكله الاستطابة المعهودة من الأكل المقصود ألا ترى أنه قال في حديث أنس الذي يأتي بعد هذا إنه -صلى اللَّه عليه وسلم- نهى عن بيع الثمار حتى تزهي قيل له: يا رسول اللَّه وما تزهي قال: "حين تحمر" وجواب ثان وهو أن العلة عندكم ليس هذا من بدو الصلاح، ألا ترى أن سائر الفواكه يجوز بيعها على هذا الوجه وإن لم يبد صلاحها، وجواب ثالث: وهو أن هذا تعلق بدليل الخطاب وأنتم تقولون به ونحن فمن أصحابنا من لا يقول به. ومن قال به منهم فإنه يقول به ما لم يعد بإسقاط النضج وهاهنا يؤدي إلى إسقاط النضج؛ لأنا لو قلنا: إن الحصرم يجوز بيعه لزمنا أن نقول مثل ذلك في سائر الفاكهة؛ لأن أحدًا لم يفرق بينهما ولو قلنا ذلك لأبطلنا في سائر الفواكه حكم النضج فإن قالوا: نحمله على المنع من بيعه بشرط التبقية فالجواب أن إطلاق العقد يقتضي التبقية؛ لأن المعهود من حال الثمرة إبقاؤها على الشجرة إلى أن تتناهى، وجواب ثان: وهو أن هذا لا يصح على أصلكم؛ لأنه لا يجوز بيعها بشرط التبقية بعد أن يبدو صلاحها فلا توجد فائدة لتخصيصه ذلك بما قبل بدو الصلاح فإن قالوا المراد بقوله حتى يبدو صلاحها حتى تظهر الثمرة بدليل قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أرأيت إذا منع اللَّه الثمرة فبم يأخذ أحدكم مال أخيه" وما قد وجد لا يقال فيه إذا منعه اللَّه، فالجواب أن هذا ننقله عليكم وهو أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- قد نهى عن بيع الثمار وما لم يوجد لا يسمى ثمارًا وجواب ثان وهو أنه قد فسر هذا في حديث أنس فقال: "حين يحمر"، وجواب ثالث: وهو أنه يقال منع اللَّه الثمرة بعد وجودها بمعنى أنه منع الانتفاع بها فإن قالوا يحتمل أن يكون النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إنما قال هذا على وجه النصيحة والمشورة لا على وجه التحريم والإخبار عن الشرع. يدل على =

<<  <  ج: ص:  >  >>