أبناء بني إسرائيل ويزعمون أن بأيديهم توراة فيها أمور بدلها أحبار اليهود، ولا يرون لبيت المقدس حرمة كاليهود، ويحرمون الخروج من جبال نابلس، وينكرون المعاد الجسماني. أو كان المميز مجوسيًا وهو عابد النيران، ويقول: إن للعالم أصلين: نور وظلمة فالنور إله الخير، والظلمة إله الشر، ويعتقد تأثير النجوم، وأنها فعالة، تنصر كل منهما؛ فإن ذبيحته تؤكل.
ونبه بذلك على أن خروج غير المسلمين لغير ملته لا يوجب قتله وأنه يصير حكمه كأهل الملة التي دخل فيها. وقيد ذبح غير المسلم الذي تؤكل ذبيحته، بكونه: ذبح لنفسه، وأن يكون ذلك والمذبوح لنفسه مستحله، أي: حلالًا له عندهم.
وخرج به ما ذبحه النصراني لمسلم أو لنفسه مما لا يستحله في دينه؛ فإنه لا يحل للمسلم. ثم بالغ، فقال: وإن أكل الميتة، أي: من شأنه أكلها كالإفرنج.
وسواء علم ذلك منه أو شك، قاله ابن شاس، إن لم يغب على ما ذبحه مما يستحله، بل ذبحه بحضرة مسلم؛ فإنه يؤكل، نص عليه الباجي والقرافي، لا صبي مميز ارتد؛ فلا يؤكل ما ذبحه عند ابن القاسم، خلافًا لسحنون.
ولا ذبح بكسر الذال، أي: مذبوح لصنم؛ فلا يؤكل؛ لأنه مما أهل به لغير اللَّه، أي: ذكر غير اسم اللَّه، لأنهم يعتقدون إلهية الصنم.
تلخيص: يجوز أكل ذبيحة الكتابي بثلاثة شروط (١).
أحدها: كونه ذبح لنفسه.
ثانيها: كونه مما يستحله.
ثالثها: أن لا يهل به لغير اللَّه.
(١) قلت: بل الشروط أربعة: بإضافة أن يكون ذبحه بحضرة مسلم ثقة.