وقع لكل منهم، ولعله إنما يذكر مِن ذلك ما هو الراجح عنده، بدليل أنّا نجد كثيرًا مِن ذلك في توضيحه، ولم يذكر هنا.
وكذا لا ينبغي أن يقال فيما لم يذكره عنهم: كان ينبغي له أن ينبه عليه، وسنذكر شيئًا مِن ذلك عند ذكره.
وحيث قلت خلاف بهذا اللفظ فذلك للاختلاف في التشهير، أي: الترجيح عند أهل المذهب: إما بتصريح بالتشهير، وإما بما يدل عليه، كقولهم: المذهب كذا، أو: ظاهره، أو: معروفه، أو نحو ذلك.
وبهذا التقرير يندفع عنه ما اعترض به عليه مِن أنه لم ينضبط له قاعدة في الترجيح؛ لأنه تارة يشير به لما شهر، وتارةً لما لم يشهر، وتارةً لقول مشهور، وآخر مذهب المدوّنة، أو ظاهرها، أو نحو ذلك.
ويحتمل أن يريد بالخلاف ما صرح فيه بالمشهور، كما قال المعترض، لكن لا يسوغ الاعتراض عليه حينئذ إلا لمن تتبع جميع نقول أهل المذهب، ولم يجد ذلك، أو يصرح المصنف بأنه اعتمد على خلاف المشهور، فيتجه الاعتراض عليه حينئذ (١)، وإلا فهو -رحمه اللَّه تعالى- أوسع باعًا، وأكثر اطلاعا، ولا يعترض عليه -أيضًا- بقول مشهور اقتصر عليه في المسألة مشهور غيره؛ لاحتمال أنه إنما اقتصر عليه لقوته عنده، ويدل على ذلك ما في توضيحه في بعض المسائل، وأما ما ليس فيه فيحتمل عدم اطلاعه عليه.
وارتفع (خلاف) على الحكاية؛ لأنه شأن القول إذا وقعت بعده جملة أن تحكى، ومحلها النصب على المفعولية.
وحيث ذكرت قولين، أو: روايتين، أو ذكرت أقوالًا بغير ترجيح؛ فذلك لعدم اطلاعي في الفرع الذي ذكرت فيه ذلك، على أرجحية منصوصة تدل على ذلك.
وقولين أو أقوالًا: معمول (ذكرت) على الأصل، وأتى في الأول بقلت، وهنا بذكرت؛ تفننًا في العبارة.
(١) وفي هذا رَدٌّ على ما قال التتائي ذاته قريبًا، ينظر الصفحة ١٥٠ من هذا الجزء.