صفحنا عن بني ذهل ... وقلنا: القوم إخوان عسى الأيام أن يرجعـ ... ـن قومًا كالذي كانوا ويشكل على ذلك أمور ثلاثة: أحدها: أن الظاهر في آية: {أَلَمْ نَشْرَحْ} أن الجملة الثانية تكرار للجملة الأولى كما تقول: إن لزيد دارًا إن لزيد دارًا وعلى هذا فالثانية عين الأولى. والثاني: أن ابن مسعود قال: لو كان العسر في جحر لطلبه اليسر حتى يدخل عليه أنه لن يغلب عسر يسرين مع أن الآية في قراءته وفي مصحفه مرة واحدة، فدل على ما ادعينا من التأكيد وعلى أنه لم يستفد تكرر اليسر من تكرره، بل هو من غير ذلك كأن يكون فهمه مما في التنكير من التفخيم فتأوله بيسر الدارين. والثالث: أن في التنزيل آيات ترد هذه الأحكام الأربعة فيشكل على الأول قوله تعالى: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ} الآية: {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ} واللَّه إله واحد سبحانه وتعالى وعلى الثاني قوله تعالى: {فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} فالصلح الأول خاص وهو الصلح بين الزوجين والثاني عام ولهذا يستدل بها على استحباب كل صلح جائر ومثله {زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ} والشيء لا يكون فوق نفسه وعلى الثالث قوله تعالى: {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ} فإن الملك الأول عام والثاني خاص {هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ (٦٠)} فإن الأولى العمل والثاني الثواب {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} فإن الأول القاتلة والثانية المقتولة وكذلك بقية الآية وعلى الرابع: {يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ} وقوله: إذ الناس ناس والزمان زمان فإن الثاني لو ساوى الأول في مفهومه لم يكن في الاخبار به عنه فائدة وإنما هذا من باب قوله: أنا أبو النجم وشعري شعري أي: وشعري لم يتغير عن حالته =