للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بل ولو مِن خنزير إن جزت، ولو بعد نتفها مِن حي أو ميت؛ لأن مباشرة اللحم مِن محل النتف هو النجس فقط، وبالغ على الخنزير لسوء حاله، وإشارة للخلاف فيه، والكلب كذلك.

ثم تكلم على طهارة الجماد بقطع النظر عن مفهوم قيوده، فقال:

[٩] ومِن الطاهر: الجماد، وهو: جسم، وأراد به الجنس، فيشمل الحي والميت؛ لصدقه عليه لغة، وأخرجه مِن الحي بقوله: غير حيّ، أي: غير حيوان حيّ، وليس مراده أن كل جسم خال عن الحياة حكمه ذلك، كدخول الميتة فيه؛ لأنها جسم غير حي، وغير منفصل عنه، أي: عن الحيّ، كـ: البيض؛ فإنه غير جماد؛ لانفصاله عن حي.

ولما كان بعض الجماد الّذي شمله الحد نجسًا استثناه، فقال: إلا المسكر: مائعًا أو جامدًا، فالأول: كالخمر، خلافًا لابن لبابة (١) والحداد (٢)، والثاني: كالحشيش، على اختيار المنوفي شيخ المصنف، وقال القرافي نحوه، مع اتفاقهما على منع تناولها (٣).


(١) هو: محمد بن يحيى بن عمر بن لبابة، أبو عبد اللَّه، (٠٠٠ - ٣٣٠ هـ = ٠٠٠ - ٩٤٢ م): فقيه مالكي أندلسي، ولي قضاء إلبيرة، والشورى بقرطبة، وعزل عنهما، ثم أعيد إلى الشورى مع خطبة الوثائق، ومات بالإسكندرية، له (المنتخبة - خ) في خزانة تمكروت بسوس (الرقم ٢٩٥٧) في فقه المالكية. قال ابن حزم: "ما رأيت لمالكي كتابًا أنبل منه". ينظر: الأعلام (٧/ ١٣٦)، وبغية الملتمس ١٣٤، وجذوة المقتبس ٩١، والديباج المذهب ٢٥١ - ٢٥٢.
(٢) لم أقف له على ترجمة.
(٣) قوله: إلا المسكر، أي: الجماد سواء كان مائعًا أو جامدًا كالحشيشة على أحد القولين، وقيل: مفسدة مخدرة، مع الاتفاق على حرمة أكلها، كذا ذكره بعض من كتب هنا، وفيه نظر من وجوه؛ الأول: أن ما ذكره من قوله مع الاتفاق على حرمة أكلها يشمل أكل ما قل مما لا يغيب العقل، وليس كذلك، فقد صرح القرافي بأنه يجوز تناول ما قل منها كغيرها من المفسدات، وكأنه اغتر بظاهر عبارة التوضيح.
الثاني: الصحيح فيها أنها من المفسدات كما قدمناه.
الثالث: قال غير واحد من شراح الرسالة في: (وكلما أسكر من الأشربة كثيره فقليله حرام): "ليس في غير المائعات شيء مسكر، أي: الحشيشة على قول من قال: إنها مسكرة، وكذا ابن مرزوق، فإنه قال: ظاهر إطلاق المص: أن كل مسكر نجس, سواء =

<<  <  ج: ص:  >  >>