(١) قال الخرشي (٥/ ٨): "الذي يتحصل في بيع السكران وشرائه على ما يظهر من كلامهم إن كان لا تمييز عنده أصلًا أنه لا ينعقد أي لا يصح اتفاقًا عند ابن رشد والباجي وعلى المشهور عند ابن شعبان، وأما إن كان عنده تمييز أي نوع من التمييز فلا خلاف في انعقاد بيعه، وإنما اختلفت الطرق في لزومه فحكى ابن رشد الخلاف في ذلك فقال وقول مالك وعامة أصحابه أنه لا يلزمه وهو أظهر الأقوال وأولاها بالصواب، وعزاه في المعلم لجمهور أصحابنا إذا علمت هذا، فلو أسقط المؤلف قوله إلا بسكر فتردد لكان أخصر ووافق المعتمد وسلم مما يرد عليه، وذلك لأن الاستثناء إن كان من المنطوق فالباء حينئذ بمعنى مع، والمراد بالسكر حينئذ نوع منه لا غيبوبة العقل المنافية للتمييز أي إلا أن يكون التمييز مع سكر فتردد وقد علمت أنه لا خلاف في انعقاد بيع السكران المميز أي صحته، وإنما الخلاف في لزومه والكلام هنا في انعقاده فلا تصح حكاية التردد فيه؛ لأنه خروج عما الكلام فيه وإن كان الاستثناء من المفهوم وعليه درج الشارح ومن وافقه أي فلا يصح بيع غير المميز إلا أن يكون عدم التمييز بسبب سكر فتردد. وقد علمت أن بيع غير المميز غير صحيح إما اتفاقًا عند الباجي وابن رشد أو على المشهور عند ابن شعبان فالمناسب للاختصار والمطابق لما تجب به الفتوى الجزم بعدم صحته وترك ذكر التردد وإن كان ذكره صحيحًا على أنه مستثنى من المفهوم؛ لأنه أشار به لطريقة الباجي وابن رشد ولطريقة ابن شعبان وإن كان القول بالصحة فيها ضعيفًا؛ لأنه لم يلتزمِ فيه صحة كل من طرفيه والمراد بالسكر الحرام وهو الخمر أو غيره حيث كان متعديًا عالمًا أما إن شربه غير عالم أو للتداوي فكالمجنون".