فإن عسر الوزن بأن تعذر لأجل سفر أو بادية جاز التحري، ومحل الجواز إن لم يقدر على تحريه، أي: لم تمتنع القدرة عليه؛ لكثرته، بل أمكن مع كثرته، لا جدا، فإن امتنعت القدرة لكثرته جدًا لم يجز، وهذا هو القول الأول، الذي صدر به ابن الحاجب، حيث قال: فإن عسر الوزن فثالثهما يتحرى في اليسير.
وزاد المصنف فيه تقييد ابن رشد له بأن لا يكثر جدًا، حتى لا يستطاع تحريه، وهذا التقرير نحى إليه الشارح، لكن قال: لعل قوله: (إن لم يقدر) مصحّف، أصله: إن لم يتعذر، أو سقط منه (لا)، أي: قبل قوله: (إن لم). وبما قررناه يندفع هذا.
وقول البساطي:(جاز التحري إن انتفت القدرة على تحريه لكثرته، أي: يجوز إذا كان قليلًا) هو القول الثالث من كلام ابن الحاجب، وهو بعيد من كلام المصنف، وأقره بعض مشايخي، قائلًا: فيه قلق، إيضاحه: أن يقال: القليل لا يصدق عليه أن لا يقدر على تحريه لكثرته، وإذا لم يصدق هذا صدق نقيضه، وهو ما قاله المصنف. انتهى.
وخص التحري بعسر الوزن، لأ، العد والكيل لا يتعذران، فلا يجوز التحري.
الباجي: ولو بغير المكيال المعهود.
وفسد منهي عنه لعينه أو وصفه على المذهب؛ لأن النهي يدل على الفساد شرعًا لا لغة على الأصح، إلا لدليل شرعي يدل على صحة ذلك المنهي عنه فلا فساد (١)، ويكون حينئذ مخصصًا لهذه القاعدة، ولابن عرفة هنا كلام انظره في الكبير.
(١) قال العلائي في تحقيق المراد ص ٧٣ - ٨٥: "للعلماء في ذلك اختلاف كثير والذي وقعت عليه من كلام المصنفين في هذه المسألة على أقسام: أحدهما قول من أطلق الخلاف في المسألة ولم يفصل، فقال الأستاذ أبو بكر بن فورك الذي ذهب إليه أكثر أصحاب الشافعي وأبي حنيفة أن النهي يقتضي الفساد وقال إمام الحرمين في البرهان ذهب المحققون إلى أن الصيغة المطلقة في النهي تتضمن فساد المنهي عنه وخالف في =