للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قل حل فيه، وشمل منطوقه مسألة ابن القاسم، وهي: من فرغ عشرة قلال سمِن في زقاق، ثم وجد بقلة منها فأرة يابسة، لا يدري في أيّ الزقاق فرغها، حرم أكل جميع الزقاق وبيعها على المشهور.

ومفهوم (كثير): قليل بنجس قل مِن باب أولى، ولما كان في مفهوم (مائع) تفصيل صرّح به بقوله: كجامد مِن طعام حلته نجاسة، فينجس إن أمكن السريان في جميعه، وإلا بأن لم يمكن سريانها في جميعه، بل سرت في بعضه، فينجس منه بحسبه (١).

ومفهوم قوله: (أمكن السريان): أن ما لا يمكن سريانها فيه بأن أخرجت مِن جنبها لم ينجس منه شيء، وكان جامدًا، لا يمكن سريانها فيه، وأصل هذه المسألة خبر الصحيح أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- سئل عن فأرة وقعت في سمن، فقال: "ألقوها وما حولها، وكلوا سمنكم" (٢)، وهو مطلق، قيده أهل المذهب بما تقدم (٣).


(١) قال الأجهوري: "قوله: (وينجس كثير طعام مائع بنجس قل كجامد إن أمكن السريان وإلا بحسبة) ش: قوله: (بنجس) أي: يتحلل منه شيء تحقيقًا أو ظنًا، وأما إذا شك فلا، إذ لا يتنجس الطعام بالشك، ومثل النجس فيما ذكر المتنجس. وظاهره: سواء كان النجس الواقع في الطعام يمكن الاحتراز منه، كـ: بول الفأر، فيعفى عنه، وما لا، كـ: بول الآدمي، فينجس ما بعد" انتهى. . وقوله: (كجامد إن أمكن إلخ) المراد بالجامد الذي إذا أخذ منه شيء لا ينزاد بسرعة، وقوله: (إن أمكن السريان) أي: يجمعه، بدليل قوله: (وإلا فبحسبه)، ولو قال: (إن سرى بجميعه) لكان أحسن؛ لدلالته على المراد من غير تكلف، وإفادته أنه لا بد من تحقق السريان بجميعه، أو ظنه؛ إذ الظن كالتحقيق، وأما الشك فملغي، وأحسن منه أنه ظن السريان يجمعه إلخ. تنبيه: قال تت: ويشمل منطوقه مسألة ابن القاسم وعلى من فرغ عشرة خلال سمن في زقاق ثم وجد في قلة منها فأرة يابسة لا يدري في أي الزقاق فرغها أنه يحرم أكل جميع الزقاق، ولا يبيعها. انتهى. فإن قلت: هذا يؤدي إلى تنجيس الطعام بالشك، وهو لا يتنجس به.
قلت: هذا ليس من تنجيس الطعام بالشك، وذلك لأنه لما امتنع تعلق النجاسة بواحد بعينه ولو بالتحري فكأن النجاسة تعلقت بالجميع تحقيقًا، فتأمل".
(٢) رواه البخاري (١/ ٩٣، رقم ٢٢٣).
(٣) قال ابن عبد البر في التمهيد (٩/ ٤٠ - ٤١): "في هذا الحديث معان من الفقه: منها ما =

<<  <  ج: ص:  >  >>