الغرس والبناء عظيمي المؤنة، أي: إذا كان كل منهما محيطًا بها، وإن بقي أكثرها بياضًا، فإن لم تعظم المؤنة فيهما لم يفيتا جميعها.
وفهم من قوله:(غرس): أن الزرع لا يفيتها، وهو كذلك، قاله محمد؛ فيفسخ البيع، ثم كان فسخه في إبان الزرع فعليه كراء المثل، ولا يقلع زرعه، وإن فسخ بعد فلا كراء.
ثم تكلم عن حكم ما تتعظم مؤنته من غرس وبناء، بقوله: وفاتت بهما جهة هي الربع فقط دون غيرها، إذا كان ما عداها بغير غرس ولا بناء، ولا يفوت بهما غير تلك الجهة، ويفسخ البيع في الباقي؛ لتعلق الفساد به، ويرد لربه، ويكون للمشتري ثلاثة أرباع الثمن، ويسقط عنه إن لم يدفعه، ويرد إليه إن دفعه.
وذكر أصبغ في الفوات بالغرس ثلاثة أحوال، فقال: من اشترى أرضًا بيضاء شراء فاسدًا، فقبضها المشتري، وغرس حولها شجرًا حتى احتاط بالأرض، وعظمت في ذلك المؤنة، وبقي أكثرها بياضا، أنه فوت لجميعها، وإن كان إنما غرس ناحية منها فاتت تلك الناحية، وإن كان إنما غرس يسيرًا لا بال له رد جميعها، وكان على البائع قيمة غرسه.
قال ابن رشد: قوله: (فاتت تلك الناحية) وذلك إذا كان قيمتها ثلث المجموع أو ربعه انتهى.
وقيد المصنف الجهة التي تفوت بالربع، ومفهوم:(فقط) أن أكثر من الربع يفيت جميعها، وهو خلاف قول ابن رشد: الناحية التي تفوت بالغرس هي أن تكون قيمتها ثلث المجموع أو ربعه.
وإذا علمت هذا فحل الشارحين كلام المصنف على كلام ابن رشد غير ظاهر.
ومفهومه أيضًا: أن أقل من الربع يسير، ولكنه صرح به في قوله: لا أقل؛ لدفع قيد حكاه ابن رشد: أن الغرس في ناحية يفسخ معه البيع في الأرض كلها.