ليختار أحدهما إن شاء أخذه أورده أو ردهما، وليس له التماسك إلا بأحدهما، وادعى ضياعهما ضمن واحدًا منهما بالثمن على المشهور بالثمن الذي وقع البيع به؛ لأنه مبيع، ولا ضمان عليه في الآخر؛ لأنه فيه أمين، إن لم يسأل في إقباضهما، ولكن تطوع له البائع، وكذا لو سأل في إقباضهما، وهو المشهور، وهو قول ابن القاسم.
وأشار بـ (لو) لخلاف الموازية من أن ضمانهما معًا، إذا سأل في إقباضهما أحدهما بالقيمة، لأنه غير مبيع، والآخر بالأقل من الثمن أو القيمة.
وما ذكره المصنف نحوه لابن الحاجب، وقرره المصنف بنحو ما ذكرنا، وتبعه الشارحان.
أو زعم ضياع واحد منهما فقط، والمسألة بحالها ضمن نصفه بالثمن؛ لأنه لا يعلم هل الضائع المبيع أو غيره، فأخذ بالنصف عملًا بالاحتمالين، فلا ضرر ولا ضرار، وله اختيار كل الباقي؛ دفعًا لضرر الشركة، أو رده عند ابن القاسم، وهو مذهب المدونة.
ثم شبه فقال: كسائل دينارا قرضًا، فيعطى ثلاثة ليختار له منها واحدًا، فزعم تلف اثنين منها، فيكون شريكًا في الثلاثة بالثلث، والثلثين عند مالك، فيأخذ من الباقي ثلثه، ويرد ثلثيه، ويقضي دينارًا كاملًا؛ لأن عليهما من التالفين ثلثهما، وسواء قامت على التلف بينة أم لا.
وإن كان ابتاع الثوبين على أن له فيهما خيار التروي وقبضهما ليختارهما، أو يردهما، فكلاهما مبيع، فإذا ادعى ضياعهما لزماه بالثمن على المشهور؛ إذ ليس أمينًا فيهما، ولا في أحدهما، ولزماه بمضي المدة المشترطة للخيار وهما بيده ساكتًا لانقطاع خياره بمضي مدته، وفي شرائه على اللزوم لأحدهما وقبضه ليختاره منهما ومضت أيام الخيار وهما بيده ولم يختر يلزمه النصف من كل منهما؛ لاشترائه واحدًا دائرًا بين اثنين، فيكون شريكًا بالنصف.