قال: كفى باللَّه كفيلا. قال: صدقت. فدفعها إليه إلى أجل مسمى فخرج في البحر فقضى حاجته، ثم التمس مركبًا يركبها يقدم عليه للأجل الذي أجله فلم يجد مركبًا فأخذ خشبة فنقرها فأدخل فيها ألف دينار وصحيفة منه إلى صاحبه ثم زجج موضعها ثم أتى بها إلى البحر. فقال: اللهم إنك تعلم أني كنت تسلفت فلانًا ألف دينار فسألني كفيلًا. فقلت: كفى باللَّه كفيلًا فرضي بك وسألني شهيدًا. فقلت: كفى باللَّه شهيدًا فرضي بك وأني جهدت أن أجد مركبًا أبعث إليه الذي له فلم أقدر وإني أستودعكها فرمى بها في البحر حتى ولجت فيه ثم انصرف وهو في ذلك يلتمس مركبًا يخرج إلى بلده فخرج الرجل الذي أسلفه ينظر لعل مركبًا قد جاء بماله فإذا بالخشبة التي فيها المال فأخذها لأهله حطبا فلما نشرها وجد المال والصحيفة ثم قدم الذي كان أسلفه فأتى بالألف دينار. فقال: واللَّه ما زلت جاهدًا في طلب مركب لآتيك بمالك فما وجدت مركبًا قبل الذي أتيت فيه. قال: هل كنت بعثت إلي بشيء؟ قال: أخبرك أني لم أجد مركبًا قبل الذي جئت فيه. قال: فإن اللَّه قد أدى عنك الذي بعثت في الخشبة فانصرف بالألف دينار راشدًا". قال الحافظ في الفتح (٤/ ٤٧٢): "وفي الحديث جواز الأجل في القرض ووجوب الوفاء به وقيل لا يجب بل هو من باب المعروف وفيه التحدث عما كان في بني إسرائيل وغيرهم من العجائب للاتعاظ والائتساء وفيه التجارة في البحر وجواز ركوبه وفيه بداءه الكاتب بنفسه وفيه طلب الشهود في الدين وطلب الكفيل به وفيه فضل التوكل على اللَّه وأن من صح توكله تكفل اللَّه بنصره وعونه وسيأتي حكم أخذ ما لقطه البحر في كتاب اللقطة أن شاء اللَّه تعالى ووجه الدلالة منه على الكفالة تحدث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بذلك وتقريره له وإنما ذكر ذلك ليتأسى به فيه وإلا لم يكن لذكره فائدة".