للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= إبرازه لأنه به يحصل إفهام السامع ورفع الالتباس ويخرج على هذا إذا جرى على من هو له فإنه إنما لم يلزمه إبراز الضمير لأنه لا التباس فيه ألا ترى أنك لو قلت زيد ضارب غلامه لم يسبق إلى فهم السامع إلا أن الفعل لزيد إذ كان واقعًا بعده فلا شيء أولى به منه فبان بما ذكرنا صحة ما صرنا إليه.
وأما الجواب عن كلمات الكوفيين أما البيت الأول وهو قوله:
(لمحقوقة أن تستجيبي دعاءه. . .)
فلا حجة لهم فيه لأنه محمول عندنا على الاتساع والحذف والتقدير فيه لمحقوقة بك أن تستجيبي دعاءه وإذا جاز أن يحمل البيت على وجه سائغ في العربية فقد سقط الاحتجاج به.
وأما البيت الثاني وهو قول الآخر:
(ترى أرباقهم متقلديها. . .)
فلا حجة لهم فيه أيضًا لأن التقدير فيه ترى أصحاب أرباقهم إلا أنه حذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه كما قال تعالى {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} أي أهل القرية وقال تعالى {وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ} ومنه قولهم الليلة الهلال أي طلوع الهلال لأن ظروف الزمان لا تكون أخبارًا عن الجثث.
قال الشاعر:
(وشر المنايا ميت وسط أهله ... كهلك الفتى قد أسلم الحى حاضره)
أي منية ميت، وقال الآخر:
(وكيف تواصل من أصبحت ... خلالته كأبي مرحب)
أي كخلالة أبي مرحب، وقال الآخر:
(أكل عام نعم تحوونه ... يلقحه قوم وتنتجونه)
أي إحراز نعم، وقال الآخر:
(كأن عذيرهم بجنوب سلى ... نعام قاق في بلد قفاز)
أي كأن عذيرهم عذير نعام.
والعذير الحال والحال لا يشبه بالنعام، وقال الآخر:
(قليل عيبه والعيب جم ... ولكن الغنى رب غفور)
أي ولكن الغنى غنى رب غفور فحذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه.
والشواهد على هذا النحو أكثر من أن تحصى فعلى هذا يكون قد أجرى قوله متقلديها وهو اسم الفاعل على ذلك المحذوف فلا يفتقر إلى إبراز الضمير وأما قولهم إن الإضمار في اسم الفاعل إنما كان لشبه الفعل وهو يشابه الفعل إذا جرى على غير من هو له قلنا فلكونه فرعًا على الفعل وجب فيه إبراز الضمير هاهنا لئلا يؤدى إلى التسوية بين الأصل والفرع ولما يؤدى إليه ترك الإبراز من اللبس على ما بينا واللَّه أعلم".

<<  <  ج: ص:  >  >>