قال: لكن المازري قال: لم يطرد هذا -أعني: الجواز- في المدونة في الطعام من السلم؛ فإنه منع الكفيل إذا صالح من له الدين، إذا حل الأجل بطعام أجود مما تحمل به، أو بطعام أدنى منه، وإن فعل ذلك قضاء عن الغريم؛ لا ليشتريه لنفسه؛ لأنه يبيع الطعام قبل قبضه انتهى. فلم يعتمد هنا ما ذكره المازري عنها.
وأما الثانية: ففي التوضيح قبل هذه بنحو صفحة: اختلف قول المدونة إذا صالح على مخالف لجنس الدين، فمنعه في السلم الثاني، وأجازه في الكفالة ابن عبد السلام، وهو أقرب؛ لأن الباب معروف، انتهى.
فدرج هنا على ما استقر به ابن عبد السلام من قوليهما انتهى.
وما لا يجوز للغريم أن يدفعه عوضًا عما عليه، لا يجوز للضامن، فلو ضمنه في عروض عليه من سلم لم يجز للضامن أن يصالح عنها قبل الأجل بأدنى صفة، وقدر الدخول ضع وتعجل، ولا بأكثر لدخول حط الضمان وأزيدك.
ورجع الضامن إذا صالح بمقوم عما في الذمة بالأقل منه، أي من الدين أو من قيمته، أي: المصالح به؛ فأيهما كان أقل رجع به، ويحتمل عود ضمير (منه) لما صالح الضامن به، أي: يرجع بنفس ذلك الشيء، إن كان أقل، أو قيمته إن كانت أقل، ولا يلزم الرجوع بنفس ذلك الشيء، وإن برئ الأصل، وهو: الغريم بوجه من الوجوه بإعطاء أو حوالة أو هبة أو إبراء برئ الضامن مطلقًا، لأن طلبه فرع ثبوت الدين على الأصل، لا عكسه، وهو إذا برأ الضامن لا يبرأ الأصيل مطلقًا، قد يبرأ، وقد لا يبرأ، فيستويان في البراءة بالإعطاء، وأما إن أبرأ رب الدين الضامن لم يبرأ الأصل.
وعجل الحق المؤجل المضمون بأحد أمرين، أشار لأولهما بقوله: بموت الضامن قبل حلوله، فيؤخذ من تركته؛ لخراب ذمته، وإن كان المضمون حاضرًا مليئًا، ورجع وارثه على المضمون بعد أجله، فلو مات