الشراء بمائتين؛ إذ لو حلفت لانتقض البيع، ولم تكن لك شفعة، قولان بغير ترجيح.
ثم شبه في بطلان البيع فقال: وإن ابتاع أرضا بزرعها الأخضر فاستحق نصفها فقط دون الزرع واستشفع المستحق -أي: آخذ النصف الآخر بالشفعة لأنه صار شريكا- بطل البيع في نصف الزرع، لبقائه بلا أرض؛ لأن أرضه استحقت، ولا يجوز بيعه منفردا عن أرضه على البقاء، ولم يبق للبائع غيره، ويأتي حكم ما إذا لم يأخذ المستحق بالشفعة، كمشتري قطعة من جنان بازاء أجنانه -أي: المشتري- ليتوصل له -أي للمبيع- من جنان مشتريه، لا من جنان البائع، ثم استحق جنان المشتري، فصارت القطعة المبتاعة ليس لها ممر يتوصل لها منه، فأفتى ابن أبي زيد وابن العطار ببطلان البيع فيها؛ لبقائها بغير ممر يتوصل لها منه.
قال الشارح: الذي في خط المصنف: (ثم استحق جنان البائع) وهو سهو؛ لأن جنان البائع لو استحق لكان من جملته القطعة المباعة، فلا إشكال في نقض البيع فيها، سواء اشتراها على الصورة التي ذكر أو غيرها.
ثم عاد لتتميم الكلام على مسألة الأرض المبيعة بزرعها الأخضر، فقال: ورد البائع نصف الثمن على المشتري؛ لأن الأرض استحق نصفها، وبطل البيع فيه وفي نصف زرعها.
وله -أي: البائع- نصف الزرع الذي بغير أرض، وخير الشفيع المستحق أولا، أي: قبل أن يخير المبتاع، بين أن يشفع فيأخذ النصف الذي بيد المشتري أو لا يشفع، وحينئذ فيخير المبتاع في رد ما بقي من الصفقة لبائعة وأخذ بقية ثمنه؛ لأنه قد استحق من يده ماله بال، وفي التماسك بنصف الأرض الذي لم يأخذه الشفيع ونصف الزرع، وإلا يأخذ بقية الثمن، ونحو هذا كله في المدونة، واللَّه أعلم.