المسافة، إلا أن يحلف الجمال أيضًا على ما ادعى من المسافة بعد حلف المكتري، فله -أي: الجمال- حصة المسافة المنتهى إليها وهي برقة على دعوى المكتري وفسخ الباقي، وهذا كله مع الاشتباه.
وأشار للوجه الرابع وهو انتقاد الشبهة من الجانبين بقوله: وإن لم يشبها حلفا، وفسخ العقد، وحوسب الجمال بكراء المثل فيما مشى من المسافة، ودفعه للجمال، وكل من نكل منهما قضي عليه للآخر.
وإن تخالفا في المسافة والأجرة معًا، بأن قال الجمال: أكريتك للمدينة بمائة وبلغاها وقال المكتري: بل لمكة بأقل كخمسين، فإن نقده المكتري الخمسين فالقول للجمال فيما يشبه؛ لأنه اجتمع له شيئان: النقد ودعوى الشبه في المسافة التي بلغاها؛ لأنه ائتمنه، ونحوه لابن القاسم في المدونة.
وحلفا فيحلف الجمال ما أكريتك إلا للمدينة بمائة، ويحلف المكتري: إنما اكتريت منك لمكة بخمسين، وفسخ العقد بينهما فيما بقي.
وإن لم ينقد للجمال شيئًا فالقول للجمال في المسافة أنها للمدينة، ولا يقبل قوله أنها بمائة، والقول للمكتري في حصتها مما ذكر من الكراء كونه خمسين، ولا يقبل في أنه لمكة؛ لأن بلوغ المسافة المدعاة يرجح قول مدعيها، وعدم النقد يرجح قول المكتري بعد يمينهما على ما ادعاه كل منهما.
وإن أشبه قول المكري وهو الجمال فقط دون المكتري فالقول له -أي: الجمال- بيمين، فيأخذ ما حلف عليه، وهو المائة، وإن أقاما بينتين تشهد كل بينة لمن أقامها بدعواه قضي بأعدلهما، وهو يشمل صورتين:
- ما إذا كانتا عدلتين: واحدا أزيد عدالة.
- وما إذا كانت إحداهما عدلة فقط.
وإلا بأن تساوتا سقطتا عند ابن القاسم، وصارا كما لا بينة لهما.
وإن قال المكتري لأرض أو دار مثلًا: اكتريت منك عشرًا بخمسين،