للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيأخذون لأنفسهم بقدر ما يذهب عنهم الخوف، فإن فضل أخذ المسافرون لدوابهم بقدر ما يذهب عنهم الخوف، ولا اختلاف عندنا في هذا الوجه.

وإن سال مطر بمباح من أرض ليست مملوكة لأحد، وأسفل منها جنان، سقي الأعلى منها قبل غيره، إن تقدم إحياؤه على الأسفل، وينتهي استحقاقه في الزرع بلوغ الماء في أرضه للكعب، ثم يرسله لمن هو أسفل، فيسقي كذلك، وهكذا حتى يكتفوا، ما لم يحتج الأول لإعادة السقي ثانيًا، وأما إذا لم يكن في الماء فضل، ولا يتأتى به السقي إلا لواحد، فلا حق للأسفل، إلا فيما يفضل عن الأعلى.

وأمر صاحب الأعلى بالتسوية لأرضه، إن كان بعضها أعلى من بعض، وأمكنه ذلك، وإلا يمكنه تسويته، وكان السقي لا يبلغ الكعبين في الأعلى حتى يكون في الأسفل أكثر من ذلك، فكحائطين، يسقي الأعلى ثم الأسفل.

وقسم الماء للمتقابلين من الحوائط، فلا يقدم أحدهما عند سحنون، كالنيل في جميع ما تقدم في السيل، وإن ملك الماء أولًا ولأصحاب علو وسفل بإجماعهم على إجرائه لأرضهم قسم بينهم بقلد: بكسر القاف وسكون اللام، أو غيره من الآلات التي يتوصل بها لإعطاء كل ذي حق حقه من الماء من غير نقص ولا زيادة.

ابن عرفة: وأقرب ما يحقق به أن يقسم ماء الليل وحده، وماء النهار وحده، بالساعات الرملية المحققة. انتهى.

ثم إن رضي الشركاء بتقديم بعضهم على بعض فذاك، وإلا أقرع بينهم للتشاح في السبق، ولا يمنع أحد صيد سمك من ماء الأودية والأنهار والأراضي التي ليست مملوكة؛ لأن الماء لما كان غير مملوك والصيد غير مملوك كان كسائر المباحات من سبق لها فهو أحق.

وإن كان السمك في أرض من ملكه، فليس له المنع عند ابن القاسم، وروي عن مالك في المدونة في الأرض المملوكة: لا أرى له منع أحد يصيد.

<<  <  ج: ص:  >  >>