العاشرة: واختلف في الشهادة على عقد الإمامة، فقال بعض أصحابنا: إنه لا يفتقر إلى الشهود؛ لأن الشهادة لا تثبت إلا بسمع قاطع، وليس هاهنا سمع قاطع يدل على إثبات الشهادة. ومنهم من قال: يفتقر إلى شهود، فمن قال بهذا احتج بأن قال: لو لم تعقد فيه الشهادة أدى إلى أن يدعي كل مدع أنه عقد له سرًّا، وتؤدي إلى الهرج والفتنة، فوجب أن تكون الشهادة معتبرة ويكفي فيها شاهدان، خلافًا للجُبّائي حيث قال باعتبار أربعة شهود وعاقد ومعقود له؛ لأن عمر حيث جعلها شورى في ستة دل على ذلك. ودليلنا أنه لا خلاف بيننا وبينه أن شهادة الاثنين معتبرة، وما زاد مختلف فيه ولم يدل عليه الدليل فيجب ألا يعتبر. الحادية عشرة: شرائط الإمام، وهي أحد عشر: الأول: أن يكون من صميم قريش، لقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الأئمة من قريش". وقد اختلف في هذا. الثاني: أن يكون ممن يصلح أن يكون قاضيًا من قضاة المسلمين مجتهدًا لا يحتاج إلى غيره في الاستفتاء في الحوادث، وهذا متفق عليه. الثالث: أن يكون ذا خبرة ورأي حصيف بأمر الحرب وتدبير الجيوش وسد الثغور وحماية البيضة ورح الأمة والانتقام من الظالم والأخذ للمظلوم. الرابع: أن يكون ممن لا تلحقه رقة في إقامة الحدود ولا فزع من ضرب الرقاب ولا قطع الأبشار والدليل على هذا كله إجماع الصحابة -رضي اللَّه عنهم-؛ لأنه لا خلاف بينهم أنه لا بد من أن يكون ذلك كله مجتمعًا فيه، ولأنه هو الذي يولي القضاة والحكام، وله أن يباشر الفصل والحكم، ويتفحص أمور خلفائه وقضاته، ولن يصلح لذلك كله إلا من كان عالمًا بذلك كله قيمًا به، واللَّه أعلم. الخامس: أن يكون حرًّا، ولا خفاء باشتراط حرية الإمام وإسلامه وهو السادس. السابع: أن يكون ذكرًا، سليم الأعضاء وهو الثامن. وأجمعوا على أن المرأة لا يجوز أن تكون إمامًا وإن اختلفوا في جواز كونها قاضية فيما تجوز شهادتها فيه. التاسع والعاشر: أن يكون بالغًا عاقلًا، ولا خلاف في ذلك. الحادي عشر: أن يكون عدلًا؛ لأنه لا خلاف بين الأمة أنه لا يجوز أن تعقد الإمامة =