الخامسة عشرة: إذا انعقدت الإمامة باتفاق أهل الحل والعقد أو بواحد على ما تقدم وجب على الناس كافة مبايعته على السمع والطاعة، وإقامة كتاب اللَّه وسنَّة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. ومن تأبى عن البيعة لعذر عذر، ومن تأبى لغير عذر جبر وقهر، لئلا تفترق كلمة المسلمين. وإذا بويع لخليفتين فالخليفة الأول وقتل الآخر، واختلف في قتله هل هو محسوس أو معنى فيكون عزله قتله وموته. والأول أظهر، قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما". روأه أبو سعيد الخدري، أخرجه مسلم. وفي حديث عبد اللَّه بن عمرو عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه سمعه يقول: "ومن بايع إمامًا فأعطاه صفقة يده وثمرة قلبه فليطعه إن استطاع فإن جاء آخر ينازعه فاضربوه عنق الآخر". رواه مسلم أيضًا، ومن حديث عرفجة: "فاضربوه بالسيف كائنًا من كان". وهذا أدل دليل على منع إقامة إمامين، ولأن ذلك يؤدي إلى النفاق والمخالفة والشقاق وحدوث الفتن وزوال النعم، لكن إن تباعدت الأقطار وتباينت كالأندلس وخراسان جاز ذلك، على ما يأتي بيانه إن شاء اللَّه تعالى. السادسة عشرة: لو خرج خارجي على إمام معروف العدالة وجب على الناس جهاده، فإن كان الإمام فاسقًا والخارجي مظهر للعدل لم ينبغ للناس أن يسرعوا إلى نصرة الخارجي حتى يتبين أمره فيما يظهر من العدل، أو تتفق كلمة الجماعة على خلع الأول، وذلك أن كل من طلب مثل هذا الأمر أظهر من نفسه الصلاح حتى إذا تمكن رجع إلى عادته من خلاف من ما أظهر. السابعة عشرة: فأما إقامة إمامين أو ثلاثة في عصر واحد وبلد وأحد فلا يجوز إجماعًا لما ذكرنا. قال الإمام أبو المعالي: ذهب أصحابنا إلى منع عقد الإمامة لشخصين في طرفي العالم، ثم قالوا: لو اتفق عقد الإمامة لشخصين نزل ذلك منزلة تزويج وليين امرأة وأحدة من زوجين من غير أن يشعر أحدهما بعقد الآخر. قال: والذي عندي فيه أن عقد الإمامة لشخصين في صقع واحد متضايق الخطط والمخاليف غير جائز وقد =