(٢) هذا القيد في العدالة غير معتبر في الرواية، وأما في الشهادة فمعتبر، قال الرازي في المحصول (٤/ ٥٩١): "الرواية والشهادة مشتركتان في هذه الشرائط الأربعة، أعني: العقل والتكليف والإسلام والعدالة، واختصت الشهادة بأمور ستة، هي غير معتبرة في الرواية، وهي: عدمُ القرابةِ والحريةُ والذكورةُ والبصرُ والعددُ والعداوةُ والصداقةُ، فهذه الستة توثر في الشهادة لا في الرواية؛ لأن الولد له أن يروي عن والده بالإجماع، والعبد له أن يروي أيضًا والضرير له أن يروي أيضًا، ذلك لأن الصحابة رووا عن زوجات النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مع أنهم في حقهن كالضرير". وقال السيوطي في تدريب الراوي (١/ ٣٣١، وما بعدها): "من الأمور المهمة تحرير الفرق بين الرواية والشهادة وقد خاض فيه المتأخرون وغاية ما فرقوا به الاختلاف في بعض الأحكام كاشتراط العدد وغيره وذلك لا يوجب تخالفًا في الحقيقة. قال القرافي: أقمت مدة أطلب الفرق بينهما حتى ظفرت به في كلام المازري فقال الرواية: هي الإخبار عن عام لا ترافع فيه إلى الحكام وخلافه الشهادة وأما الأحكام التي يفترقان فيها فكثيرة لم أر من تعرض لجمعها وأنا أذكر منها ما تيسر: الأول: العدد: لا يشترط في الرواية بخلاف الشهادة وقذ ذكر ابن عبد السلام في مناسبة ذلك أمورًا؛ أحدها: أن الغالب من المسلمين مهابة الكذب على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بخلاف شهادة الزور. الثاني: أنه قد ينفرد بالحديث راو واحد فلو لم يقبل لفات على أهل الإسلام تلك المصلحة بخلاف فوت حق واحد على شخص واحد. الثالث: أن بين كثير من المسلمين عداوات تحملهم على شهادة الزور بخلاف الرواية عنه -صلى اللَّه عليه وسلم-. الثاني: لا تشترط الذكورية فيها مطلقًا بخلاف الشهادة في بعض المواضع. الثالث: لا تشترط الحرية فيها بخلاف الشهادة مطلقًا. الرابع: لا يشترط فيها البلوغ في قول. الخامس: تقبل شهادة المبتدع إلا الخطابية ولو كان داعية ولا تقبل رواية الداعية ولا غيره إن روى موافقه. السادس: تقبل شهادة التائب من الكذب دون روايته. =