وروي أيضًا من طريق الشعبي عن ابن عمر عن عمر قال: "كان يأمرنا أن لا نأخذ إلا عن ثقة". وروى الشافعي وغيره عن يحيى بن سعيد قال: سألت ابنا لعبد اللَّه بن عمر عن مسألة فلم يقل فيها شيئًا. فقيل له: إنا لنعظم أن يكون مثلك ابن إمامي هدى تسأل عن أمر ليس عندك فيه علم. فقال: أعظم واللَّه من ذلك عند اللَّه وعند عن عرف اللَّه وعند من عقل عن اللَّه أن أقول بما ليس لي فيه علم أو خبر عن غير ثقة. قال الشافعي: وقال سعيد بن إبراهيم: لا يحدث عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إلا الثقات. أسنده مسلم في مقدمة الصحيح. وأسند عن ابن سيرين: "إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم" وروى البيهقي عن النخعي قال: كانوا إذا أتوا الرجل ليأخذوا عنه نظروا إلى سمته وإلى صلاته وإلى حاله ثم يأخذون عنه وفسر الضبط بأن يكون متيقظًا غير مغفل حافظًا إن حدث من حفظه ضابطًا لكتابه من التبديل والتغيير إن حدث منه ويشترط فيه مع ذلك أن يكون عالمًا بما يحيل المعنى إن روى به. الثانية: تثبت العدالة للراوي بتنصيص عالمين عليها وعبارة ابن الصلاح معدلين وعدل عنه لما سيأتي: أن التعديل إنما يقبل من عالم أو بالاستفاضة والشهرة فمن اشتهرت عدالته بين أهل العلم من أهل الحديث أو غيرهم وشاع الثناء عليه بها كفى فيها أي: في عدالته ولا يحتاج مع ذلك إلى معدل ينص عليها كمالك والسفيانين والأوزاعي والشافعي وأحمد بن حنبل وأشباههم. قال ابن الصلاح: هذا هو الصحيح في مذهب الشافعي وعليه الاعتماد في أصول الفقه وممن ذكره من أهل الحديث والخطيب. ومثله بمن ذكر وضم إليهم الليث وشعبة وابن المبارك ووكيعًا وابن معين وابن المديني ومن جرى مجراهم في نباهة الذكر واستقامة الأمر فلا يسأل عن عدالة هؤلاء وإنما يسأل عن عدالة من خفي أمره وقد سئل ابن حنبل عن إسحاق بن راهويه فقال مثل إسحاق يسأل عنه وسئل ابن معين عن أبي عبيد فقال: مثلي يسأل عن أبي عبيد أبو عبيد يسأل عن الناس. =