للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= بالكذب تأييدًا لاعتقادهم ويزداد حنقهم وتقربهم إلى اللَّه بالكذب عليه بمقدار زيادته في النيل منهم فهؤلاء لا يحل لمسلم أن يعتبر كلامهم.
فإن قلت: أليس أن الصحيح في المذهب قبول شهادة المبتدع إذا لم نكفره؟ قلت: قبول شهادته لا يوجب دفع الريبة عند شهادته على مخالفه في العقيدة والريبة توجب الفحص والتكشف والتثبت وهذه أمور تظهر الحق إن شاء اللَّه تعالى إذا اعتمدت على ما ينبغي.
وفي تعليقة القاضي الحسين: لا يجوز أن يبغض الرجل لأنه من مذهب كذا فإن ذلك يوجب رد الشهادة. انتهى.
ومراده لأنه من مذهب من المذاهب المقبولة أما إذا أبغضه لكونه مبتدعًا فلا ترد شهادته.
واعلم أن ما ذكرناه من قبول شهادة المبتدع هو ما صححه النووي وهو مصادم لنص الشافعي على عدم قبول الخطابية وهي طريقة الأصحاب وأصحاب هذه الطريقة يقولون: لو شهد خطابي وذكر في شهادته ما يقطع احتمال الاعتماد على قول المدعي بأن قال: سمعت فلانًا يقر بكذا لفلان أو رأيته أقرضه قبلت شهادته وهذا منهم بناءً على أن الخطابي يرى جواز الشهادة لصاحبه إذا سمعه يقول لي على فلان كذا فصدقه وإليه أشار الشافعي.
وقد تزايد الحال بالخطابية وهم المجسمة في زماننا هذا فصاروا يرون الكذب على مخالفيهم في العقيدة لا سيما القائم عليهم بكل ما يسوءه في نفسه وماله.
وبلغني أن كبيرهم استفتى في شافعي أيشهد عليه بالكذب فقال: ألست تعتقد أن دمه حلال؟ قال: نعم، قال: فما دون ذلك دون دمه فاشهد وادفع فساده عن المسلمين.
فهذه عقيدتهم ويرون أنهم المسلمون وأنهم أهل السنَّة ولو عدوا عددًا لما بلغ علماؤهم ولا عالم فيهم على الحقيقة مبلغًا يعتبر ويكفرون غالب علماء الأمة ثم يعتزون إلى الإمام أحمد بن حنبل -رضي اللَّه عنه- وهو منهم بريء ولكنه كما قال بعض العارفين ورأيته بخط الشيخ تقي الدين بن الصلاح إمامان ابتلاهما اللَّه بأصحابهما وهما بريئان منهم أحمد بن حنبل ابتلي بالمجسمة وجعفر الصادق ابتلي بالرافضة.
ثم هذا الذي ذكرناه هو على طريقة النووي رحمه اللَّه والذي أراه أن لا تقبل شهادتهم على سني.
فإن قلت: هل هذا رأى الشيخ أبي حامد ومن تابعه أن أهل الأهواء كلهم لا تقبل لهم شهادة؟
قلت: لا بل هذا قول بأن شهادتهم على مخالفيهم في العقيدة غير مقبولة ولو كان مخالفهم في العقيدة مبتدعًا وهذا لا أعتقد أن النووي ولا غيره يخالف فيه والذي قاله =

<<  <  ج: ص:  >  >>