للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثم فصل في عدم غرمهما، فقال: إن دخل بها، فلا غرم عليهما للزوج؛ لأنها استحقت جميعه بالدخول، فلم يفوتا عليه غير منفعة البضع، ولا قيمة له.

وإلا بأن لم يدخل بها فنصف من الصداق يغرمانه للزوج عند ابن القاسم، بناءً على أنها لا تملك بالعقد شيئًا، لجواز ارتدادها، فلشهادتهما غرم نصف الصداق، كرجوعهما عن دخول مطلقة، أقر الزوج بطلاقها، وأنكر الدخول بها، فشهدا عليه به، وغرم جميع الصداق، ثم رجعا غرمًا له نصف الصداق عند ابن القاسم، ولو رجع أحدهما غرم ربعه.

وإذا شهد اثنان بدخول، واثنان بطلاق على من ثبت نكاحه بغيرهما، وحكم عليه بجميع الصداق، ثم رجع الأربعة عما شهدوا به، اختص بغرم نصف الصداق الشاهدان الراجعان عن شهادتهما بدخول، أي: عن الشاهدين الراجعين عن شهادة الطلاق (١)، فلا غرم عليهما عند الأكثر؛ لأن الصداق إنما دفع بشهادة شاهدي الدخول.


(١) قال في المنح (٨/ ٥١٤): "طفى: ما ذكره المصنف من أن شاهدي الطلاق لا يغرمان شيئًا من الصداق لا يأتي على قول ابن القاسم الذي درج عليه أولًا من أن شاهدي الطلاق قبل البناء عليهما نصف الصداق برجوعهما على أنها لا تملك بالعقد شيئًا منه، وإنما يأتي على قول أشهب وعبد الملك وابن المواز بناءً على أنها ملكت بالعقد الجميع أو النصف، ثم قال: وبما ذكر تعلم التنافي في كلام المصنف، والعذر له أنه درج على قول ابن القاسم أولًا في قوله وإلا فنصفه؛ لأنه قوله في (المدونة)، ودرج على قول أشهب ومن معه لما رأى أكثر الرواة عليه فلم تمكنه مخالفته على أن كلام ابن القاسم في (المدونة) فيه مجال للشيوخ، ثم قال: ولا يخفى أن التفريع على قول ابن القاسم يقتضي أن على شاهدي الطلاق نصف الصداق وعلى شاهدي الدخول نصفه، وقول أحمد اختص الراجعان بدخول بغرم الصداق لا يأتي على قول ابن القاسم ولا على قول أشهب.
البناني: لولا تفريع المازري ما هنا على قول أشهب ومن معه لقلنا لا تنافي بين كلامي المصنف؛ لأن ما هنا بمنزلة رجوع عن طلاق مدخول بها لوجود شاهدي الدخول. اهـ.
أقول: هذا هو التحقيق وتقدم أن الرجوع بعد الحكم لا يعتبر في حق غير الراجع، وباللَّه تعالى التوفيق".

<<  <  ج: ص:  >  >>