وادعى ابن عبد البر الإجماع على أخذها منهم، فقال في الاستذكار (٣/ ٢٤١، وما بعدها): "٥٧٢ - ذكر فيه مالك أنه بلغه أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أخذ الجزية من مجوس البحرين. وأن عمر أخذها من مجوس فارس. وأن عثمان أخذها من البربر. هكذا هذا الحديث في الموطأ عند جماعة رواته وكذلك معمر عن ابن شهاب ورواه عبد الرحمن بن مهدي عن مالك عن ابن شهاب عن السائب بن يزيد ورواه بن وهب عن يونس عنه بن شهاب عن سعيد بن المسيب وقد ذكرناها بأسانيدها في التمهيد. ٥٧٣ - وذكر مالك عن جعفر بن محمد بن علي عن أبيه أن عمر بن الخطاب ذكر المجوس فقال ما أدري كيف أصنع في أمرهم فقال عبد الرحمن بن عوف أشهد لسمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "سنوا بهم سنة أهل الكتاب". وهذا الحديث قد رواه أبو علي الحنفي عن مالك عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده وهو أيضًا منقطع والصحيح عن مالك ما في الموطأ. وفي حديث جعفر من الفقه أن الخبر العالم قد يجهل ما يجد عند من هو دونه في العلم. وفيه انقياد العالم إلى العلم حيث كان. وفيه إيجاب العمل بخبر الواحد. وأما قوله سنوا فيهم سنة أهل الكتاب فهو من الكلام الخارج مخرج العموم والمراد منه الخصوص لأنه إنما أراد سنوا بهم سنة أهل الكتاب في الجزية لا في نكاح نسائهم ولا في أكل ذبائحهم. وهذا لا خلاف فيه بين العلماء إلا شيء يروى عن سعيد بن المسيب أنه لم ير بذبح المجوس لشاة المسلم إذا أمره المسلم بذبحا بأسًا والناس على خلافه. والمعنى عند طائفة من الفقهاء في ذلك أن أخذ الجزية صغار لهم وذلة لكفرهم وقد ساووا أهل الكتاب في الكفر بل هم أشد كفرًا فوجب أن يجروا مجراهم في الذل والصغار لأن الجزية لم تؤخذ من الكتابيين رفقًا بهم وإنما منهم تقوية للمسلمين وذلًا للكافرين. وليس نكاح نسائهم ولا أكل ذبائحهم من هذا الباب لأن ذلك مكرمة بالكتابيين لموضع =