للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولا يشترط كون القتل بآلة مخصوصة بل حصوله بقضيب أو غيره كخنق ومنع طعام حتى مات، واقتصاره على القصاص في منع الطعام يفهم منه أن لا قصاص في منع الماء، ففي حريم البئر من المدونة في منع الماء أنه من الخطأ لا قصاص فيه، لكن تأولها بعض القرويين على أنهم لم يقصدوا القتل، وإنما تأولوا أن لهم منع ما بهم، ولو قصدوا منعهم الشرب بعد علمهم حرمته، وأنهم إن لم يسقوهم ماتوا عطشًا لأمكن أن يقتلوا بهم.

وكضرب بشيء مثقل، كـ: حجر أو خشبة، ولا قسامة في ذلك إن أنفذ الفعل مقتله، أو مات منه مغمورًا لم يأكل ولم يشرب ولم يتكلم ولم يفق حتى مات.

ومفهومه: إن لم ينفذ مقتله أو لم يمت مغمورًا بل أكل وشرب وعاش حياة تعرف ثم مات فالقسامة، أما المسألة الأولى من كلام المصنف فنحوها قول المدونة: أما إن شفت حشوته وتكلم وأكل وعاش يومين أو ثلاثة فإنه يقتل قاتله بغير قسامة، إذا كان قد أنفذ مقتله.

وأما الثانية فكقولها: ومن ضرب فمات تحت الضرب، أو بقي مغمورًا لم يأكل ولم يشرب ولم يتكلم، ولم يفق حتى مات فلا قسامة فيه.


= شبه عمد غلظت فيه العقوبة، والإمام إذا رأى للمصلحة العامة تغليظ عقوبة ما فإن له ذلك سياسة للأمة، ورعاية لها، وقد كان عمر بن الخطاب يفعل ذلك، السياسة الشرعية للعباد بتصريف شؤون حياتهم وفق القواعد العامة للشريعة الإسلامية هي من أهم مسؤوليات الحاكم المسلم أو من ينوب عنه في تصريف شؤون العباد، وليس كل المسائل التي تعرض على ولي الأمر تعرضت لها نصوص الكتاب والسنة على وجه التفصيل، فقد يطرأ طارئ على الأمة لم يكن موجودًا من قبل فلا بد للحاكم أن يحكم بالمسألة بما يوافق المقاصد العامة للشريعة الإسلامية.
وقد وقعت مسألة زوجة المفقود في زمن عمر فاجتهد بها في إمهال الزوج أربعة أعوام ثم التفريق بعد ذلك بينهما واعتداد الزوجة عدة الوفاة، فهذه المسألة هي من مسائل السياسة الشرعية التي ترك للحاكم الفصل فيها والاجتهاد في حلها بما فيه مصلحة المسلمين.

<<  <  ج: ص:  >  >>