وقال عبد الحق والتونسي واللخمي: إذا تيقن الحدث وشك في الطهارة توضأ، وإن كان موسوسًا وعكسه يعفى عن الموسوس، والفرق استصحاب الأصل السابق. وقال اللخمي: إذا تيقن الطهارة وشك في الحدث وهو غير موسوس ففيه خمسة أقوال: - الوجوب. - والندب. - والتفرقة بين أن يكون في صلاة أم لا، والثلاثة لمالك -رحمه اللَّه- وعند ابن حبيب: الشك في الريح ملغى، وفي البول والغائط معتبر، وفرق أيضًا بين الشك في الزمن الماضي وبين الشك في الحال في الريح، فقال في الماضي: يجب. وفي الحاضر: لا يجب، إذا كان مجتمع الحس. قال صاحب الطراز: وهذه التفرقة ظاهر المذهب؛ لما في الترمذي وأبي داود: "إذا كان أحدكم في المسجد فوجد ريحًا بين أليتيه فلا يخرج حتى يسمع صوتًا أو يجد ريحًا"، قال الترمذي: حديث صحيح. فروع متناقضة: قال مالك -رحمه اللَّه- فيمن شك في الطهارة: عليه الوضوء، فاعتبر الشك، وقال فيمن شك هل طلق أم لا: لا شيء عليه، فألغى الشك، وفيمن شك هل صلى ثلاثًا أو أربعًا يبني على ثلاث، ويسجد بعد السلام، فاعتبر الشك، وقال فيمن شك هل سها أم لا: لا شيء عليه، وألغى الشك. وقال فيمن شك هل رأى هلال رمضان: لا يصوم، فألغاه. ونظائر ذلك كثيرة في المذهب والشريعة، فعلى الفقيه أن يعلم السر في ذلك. قاعدة: الأصل: ألا يعتبر في الشرع إلا العلم؛ لقوله تعالى: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ}؛ لعدم الخطأ فيه قطعًا، لكن تعذر العلم في أكثر الصور، فجوز الشرع اتباع الظنون لندرة خطئها، وغلبة إصابتها، وبقي الشك على مقتضى الأصل، فكل مشكوك فيه ليس بمعتبر، ويجب اعتبار الأصل السابق على الشك، فإن شككنا في السبب لم نرتب المسبب، أو في الشرط لم نرتب المشروط، أو في المانع لم ننف الحكم، فهذه القاعدة مجمع عليها، لا تنتقض، وإنما وقع =