وإن أوصي بعتق عبد معين وله مال حاضر ومال غائب لو حضر الجميع لخرج العبد حرًا من ثلثه، ولكنه لا يخرج من ثلث المال الحاضر، ويخرج من ثلث الجميع، وقف عتقه إن كان يرجى اجتماع المال لأشهر يسيرة، وعتق العبد كله، قاله ابن القاسم.
قال في المدونة: وليس للعبد أن يقول: اعتقوا منى ثلث الحاضر الآن، وإلا بأن لم يرجى اجتماعه إلا لأشهر كثيرة، ولم يحدها مالك، وحدها ابن المواز بسنة عجل عتق ثلث الحاضر ثم تمم منه عتقه من المال الغائب، فكل ما حضر من شيء عتق من العبد مقدار ثلثه، ولزم إجارة الوارث وصية مورثه قبل موته فيما لهم رده، كما لو كانت لوارث أو بأكثر من الثلث، كما يلزمه إذا جاز بعد الموت، وهو مذهب المدونة والموطأ وغيرهما.
وإجازة الوارث للوصية على ثلاثة أوجه: لزومها في وجه، وعدمها في وجهين، وللزوم شروط، وهو جريان سببها، أشار لأولها بقوله: بمرض، وقيده عبد الوهاب بالمخوف، وبه قيد الشارح إطلاق المؤلف.
وأشار لثانيها بقوله: لم يصح بعده، أي: بعد مرضه الذي أجازوا فيه، فلو صح منه صحة بينة لم يلزمهم، نص عليه ابن القاسم.
وأشار للوجه الثالث، وهو محل اللزوم أن لا يكون للوارث عذر في الإجازة بقوله: إلا لتبين عذر من الوارث في إجازته بكونه في نفقته، أي: في نفقة الموصي، كأن يقول: خفت أن يقطع نفقته عني إن صح.
أو لأجل دينه الذي علي فيطالبني به إن امتنع، أو خوف سلطانه أو جاهه، إلا أن يحلف من يجهل مثله لزوم الإجازة أنه جهل أن له الرد لوصية مورثه، كالعامي البعيد عن الفقهاء؛ فإنه إذا حلف لا يلزمه الإجازة.
وظاهره: أنه لا فرق بين من تبرع بالإجازة وبين سأله الموصي في ذلك، وإليه ذهب غير واحد من شيوخ عبد الحق، لا إن كانت إجازة الوارث للوصية من غير سبب حرًا لها، بل كان الموصي بصحة، أي: فيها، فإن إجازة الوارث لا تلزمه لعدم جريان سببها.