بقوله: ولم يضر غسله الأقل بالأكثر الذي هو جريح، فإنه يغسل الصّحيح ويمسح على الجريح، وإلا بأن ضر غسل الأقل الصحيح بالأكثر الجريح ففرضه حينئذ التّيمم رفعًا للضرر والمشقة، كأن قل الصحيح جدًا كيد أو رجل؛ إذ غسل هذا القليل كالعدم، ومقتضاه: أنه لو خالف فرضه وغسل القليل جدًا ومسح الجريح لم يجزئه؛ لأنه لم يأت بالأصل ولا بالبدل، ومثله في الإرشاد، وصرح به بهرام في الصغير.
وإن تكلف من خيف غسل جرحه وكسل الجراح أجزأ؛ لإتيانه بالأصل، وإن تعذر مسها، أي: الجراح، حيث لا جبيرة، بأن شق وضعها لتألمه بها، أو بأن لم تثبت، كما لو كانت تحت المارن، أو لا يمكن وضعها لكونها بإشفار العينين، وهي -أي: الجراح- بأعضاء تيممه: الوجه واليدين، تركها بلا غسل ولا مسح؛ لتعذر مسّها، وتوضأ، أي: فعل ما يجب في بقية أعضاء الوضوء من غسل ومسح؛ لأنه لو تيمم تركها أيضًا، فوضوء ناقص أولى من تيمم ناقص.
وما قررنا به كلامه هو معنى قوله في توضيحه: إذا كان لا يقدر على مس الجراحة لا يكفيه ذلك في ترك المسح، بل لا بد مع ذلك من أحد أمرين: إما أن تكون الجبيرة لا تثبت، كما لو كانت تحت المارن، أو كانت لا تمكن أصلًا كما لو كانت في إشفار العينين.
وإلا بأن كان الجرح في غير أعضاء التيمم فثالثها يتيمم إن كثر الجرح؛ لأن الأقل تبع، ويغسل ما عداه من القليل، ورابعها يجمعهما، فيغسل الصحيح، ويتيمم على الجريح، وأولها يتيمم مطلقًا ليأتي بطهارة ترابية كاملة، وثانيها: يغسل ما صح، ويسقط محل الجرح؛ لأن التيمم إنما يكون مع عدم الماء، وإن نزعها أي: الجبيرة لدواء مثلًا، أو سقطت بنفسها، إن لم تكن في صلاة، بل وإن كان بصلاة قطع صلاته، وهذا جواب (إن) التي للمبالغة، ويفهم منه جواب (إن) الأولى، وردها لمحلها إن احتاج لذلك فورًا للموالاة، ومسح عليها؛ لتعلق الحدث بمحلها عند سقوطها.