للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= بها وترك ما يخالفها ولا سيما أن سنة الخلفاء الراشدين قد وافقتها ونحن نرى أن الزيادة عليها مخالفة لها لأن الأمر في العبادات على التوقيف والاتباع لا على التحسين العقلي والابتداع كما سبق بيانه في الرسالة الأولى ويأتي بسط ذلك في الرسالة الخاصة بالبدعة إن شاء اللَّه تعالى ومن العجيب أن العامة قد تنبهوا لهذا فكثيرًا ما تسمعهم يقولون بهذه المناسبة وغيرها: "الزايد أخو الناقص" فما بال الخاصة؟
ويعجبني بهذه المناسبة ما أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف عن مجاهد قال: جاء رجل إلى ابن عباس فقال: إني وصاحب لي كنا في سفر فكنت أتم وكان صاحبي يقصر فقال له ابن عباس: "بل أنت الذي كنت تقصر وصاحبك الذي كان يتم" وهذا من فقه ابن عباس -رضي اللَّه عنه- حيث جعل التمام والكمال في اتباع سنته -صلى اللَّه عليه وسلم- وجعل النقص والخل فيما خالفها وإن كان أكثر عددًا كيف لا وهو الذي دعا له رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بقوله: "اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل؟ ".
والحقيقة أن من كان فقيهًا حقًا لا يسعهن أن يتعدى قول ابن عباس هذا بل يجعله أصلًا في كل ما جاءت به الشريعة الكاملة لأن عكسه يؤدي إلى نسبة النقص أو النسيان إلى الشارع الحكيم؟ وما كان ربك نسيًا؟ ولتفصيل هذا موضع آخر إن شاء اللَّه تعالى.
ويعجبني أيضًا قول شيخ الإسلام ابن تيمية في رده على ابن المطهر الشيعي: وزعم أن عليًا كان يصلي في اليوم والليلة ألف ركعة ولم يصح ذلك ونبينا -صلى اللَّه عليه وسلم- كان لا يزيد في الليل على ثلاث عشرة ركعة ولا يستحب قيام كل الليل بل يكره، قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لعبد اللَّه بن عمر بن العاص: "إن لجسدك عليك حقًا" وقد كان عليه السلام يصلي في اليوم والليلة نحو أربعين ركعة وعلي كان أعلم بسنته وأتبع لهديه من أن يخالفه هذه المخالفة لو كان ذلك ممكنًا، فكيف وصلاة ألف ركعة مع القيام بسائر الواجبات غير ممكن إذ عليه حقوق نفسها من مصالحها ونومها وأكلها وشربها وحاجتها ووضوئها ومباشرته أهله وسراريه والنظر لأولاده وأهله ورعيته مما يستوعب نصف الزمان تقريبًا فالساعة الواحدة لا تتسع لثمانين ركعة إلا أن تكون بالفاتحة فقط وبلا طمأنينة وعلي كرم اللَّه وجهه أجل من أن يصلي صلاة المنافقين التي هي نقر ولا يذكر اللَّه إلا قليلًا كما في الصحيحن". من "المنتقى من منهاج الاعتدال" (ص ١٦٩ - ١٧٠)، فتأمل كيف نزه عليًا -رضي اللَّه عنه- عن الزيادة على سننه -صلى اللَّه عليه وسلم- بقوله: "وعلي كان أعلم بسنته وأتبع لهديه من أن يخالفه هذه المخالفة".
ذكر من أنكر الزيادة من العلماء:
ولذلك نقول: لو ثبتت الزيادة على الإحدى عشرة ركعة في صلاة القيام عن أحد من الخلفاء الراشدين أو غيرهم من فقهاء الصحابة لما وسعنا إلا القول بجوازها لعلمنا =

<<  <  ج: ص:  >  >>