قال صاحب الطراز: وعلى القول الآخر يريد القول بالبناء مطلقًا يقنت. انتهى. قلت: وفيه نظر لما علمت أن القول الذي يقضي هو القراءة خاصة وقوله وعلى الآخر يريد القول بالبناء مطلقًا يقنت فيه نظر إذ لم يذكر ذلك في الطراز على هذا الوجه، بل على أنه يقتدي القول بالبناء الصادق بالبناء في الأقوال والأفعال بقوله بعد ما ذكر عن اللخمي: إن ثالث الأقوال أنه بأن في الأفعال قاض في القراءة بما نصه وأقرب ما فرق به بين الأفعال والأقوال في هذه الطريقة أنه رأى أن ما أدركه هو أول صلاته حقيقة؛ فلذلك يبني على الجلوس لكنه يزيد فيما يأتي به سورة مع أم القرآن خشية أن لا تفسد الصلاة ولا ينقص كما لها زيادة السورة بل ينقص الكمال نقصها فيأتي بالسورة ليتلافي ما فاته من الكمال. انتهى. ومنشأ الخلاف خبر: "إذا أتيتم الصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون وائتوها وعليكم السكينة فما أدركتم فعلوا وما فاتكم فأتموا" وروي: "فأقصوا" فأخذ الشافعي برواية: "فأتموا" وهو أحد الأقوال عندنا وأخذ أبو حنيفة برواية: "فأقضوا" وهو أحد الأقوال عندنا أيضًا وعمل مالك بكل من الروايتين على القول المعتمد في مذهبه فجعل رواية فأتموا في الأفعال ورواية فأقضوا في الأقوال ويظهر ثمرة الخلاف فيمن أدرك الأخيرة من المغرب فصلى ما ذهب إليه الشافعي يأتي بركعة بأم القرآن وسورة جهرًا ويجلس ثم بركعة بأم القرآن فقط، وعلى ما ذكر أبو حنيفة يأتي بركعتين بأم القرآن وسورة جهرًا ولا يجلس بينهما لأنه قاض فيهما قولًا وفعلا، وعلى المعتمد في مذهب مالك يأتي بركعة بأم القرآن وسورة جهرًا لأنه قاض في الأقوال ويجلس لأنه بان في الأفعال ثم بركعة بأم القرآن وسورة أيضًا ويتشهد".