للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مزجاة (١)، وليس الخبر كالعيان (٢)، غير أنني تلقيته دراية ورواية عن جميع من أدركته مِن مشيخة عصر مصري (٣)، وهم تلقوه عن مشايخ عصرهم،


= فمن بعده، ثم استقل بالقضاء غير مرة، فحمدت سيرته عفة وحسن مباشرة وتودد، مع قلة الأذى والكلام في المجالس، ومزيد تقشفه وتواضعه وطرحه للتكلف. وانتهت إليه رياسة المذهب، ودارت عليه الفتوى فيه، وشرح الرسالة شرحًا انتفع به من بعده، وكان مزجى البضاعة في غير الفقه، ومات وهو على القضاء في آخر الدولة المؤيدية، في جمادى الأولى سنة ثلاث وعشرين، وقد قارب الثمانين. قال المقريزي: كان فقيهًا بارعًا عرف بالصيانة والدين والصرامة، ناب في الحكم عن العلم سليمان البساطي سنة ثمان وسبعين، وصار المعول على فتواه من سنين. وقال في عقوده: انتهت إليه رياسة المالكية، ودارت على رأسه الفتيا سنين عديدة. وقال البرماوي: هو من أهل العلم، له معرفة جيدة بالفقه والنحو.
(١) أي: قليلة، ومن ذلك قول اللَّه تعالى على لسان إخوة يوسف {قَالُوا يَاأَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ}، قال في تاج العروس (٣٨/ ٢١٢): "وبضاعة مزجاة: قليلة، وبه فسرت الآية.
وفي بعض نسخ الصحاح: أي يسيرة. وفي الأساس: أي خسيسة يدفعها كل من عرضت عليه.
وفي المصباح: تدفع بها الأيام لقلتها. وفي كتاب الغرر والدرر للشريف المرتضى، أي: مسوقة شيئًا بعد شيء على قلة وضعف. أو بضاعة مزجاة فيها إغماض، لم يتم صلاحها؛ عن ثعلب؛ وبه فسر الآية. قال: وقوله تعالى: {وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا}، أي: بفضل ما بين الجيد والرديء.
وقال بعض المفسرين: قيل: كانت حبة الخضراء والصنوبر. وقيل: متاع الأعراب الصوف والسمن. وقيل دراهم ناقصة".
(٢) قوله: "وليس الخبر كالعيان"، هو حديث، ولكن بدل كالعيان: كالمعاينة، رواه من حديث ابن عباس: أحمد (١/ ٢١٥، رقم ١٨٤٢)، والحاكم (٢/ ٣٥١، رقم ٣٢٥٠) وقال: صحيح على شرط الشيخين، والطبراني في الأوسط (١/ ١٢، رقم ٢٥)، والضياء (١٥/ ٨٢، رقم ٧٦)، وابن حبان (١٤/ ٩٦، رقم ٦٢١٣). ومن حديث أنس: الضياء من طريق ابن خزيمة (٥/ ٢٠٢ رقم ١٨٢٧) وقال: إسناده صحيح. والخطيب (٣/ ٢٠٠). وهو حديث صحيح، وأما قول الإمام أحمد -كما في علل الترمذي-: لم يسمع هشيم حديث أبي بشر: "ليس الخبر كالمعاينة"، فليس بتضعيف للحديث، لأن غير هشيم قد رواه؛ ولذلك صححه جمع من المحدثين.
(٣) سبق الحديث عنهم في مقدمة التحقيق.

<<  <  ج: ص:  >  >>