والشُّكْرُ من اللَّه: المجازاة والثناء الجميل، شَكَرَهُ وشَكَرَ له يَشْكُرُ شُكْرًا وشُكُورًا وشُكْرانا، قال أيو نخيلة: شَكَرْتُكَ إِنَّ الشُّكْرَ حَبْلٌ منَ التُّقَى ... وما كُلُّ مَنْ أَوْلَيْتَهُ نِعْمَةً يَقْضِي قال ابن سيده: وهذا يدل على أَن الشكر لا يكون إِلا عن يد؛ أَلا ترى أَنه قال: (وما كل من أَوليته نعمة يقضي)؟ أَي: ليس كل من أَوليته نعمة يشكرك عليها. .، وأَما الشَّكُورُ من عباد اللَّه فهو الذي يجتهد في شكر ربه بطاعته وأَدائه ما وَظَّفَ عليه من عبادته، والشُّكْرُ مثل الحمد إِلا أَن الحمد أَعم منه فإنك تَحْمَدُ الإِنسانَ على صفاته الجميلة وعلى معروفه ولا تشكره إِلا على معروفه دونَ صفاته"، ومن ثم اختص اللَّه -جل وعلا- بالحمد دون الشكر في سياق الامتنان وتعظيمه بالقول، وإن كان -تعالى- أهلًا لكليهما، غير أن الشكر له لا يكون إلا بالعمل، قال اللَّه -تعالى-: {اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ}، ولذلك لو قيل في غير القرآن الكريم؛ (الشكر للَّه رب العالمين)، لأبى هذا التركيبَ الذوقُ الرفيع؛ إذ كلمة (الشكر) هنا قلقة في مكانها، ضعيفة في معناها؛ وسبب ذلك أن هذا التركيب يفيد أن العبد إنما عظم اللَّه -تعالى- بسبب ما وصله من نعمة، وهذا المقام الذي هو مقام الثناء على الخالق، ينبغي على العبد أن يربأ بنفسه عن ذكر ما لا يدل على الخضوع والانقياد المطلق؛ تحقيقًا لكمال العبودية للَّه رب العالمين؛ لأن المطلوب من العبد ليس تعظيم اللَّه -جل شأنه- بسبب وصول النعمة إليه، وإنما المطلوب تعظيمه -تعالى- في كل حال، وإن لم يصل منه نعمة؛ لكونه -سبحانه- مستحقًا للحمد أبدًا، ومن ثم قال النحاة في اللام التي في (للَّه): هي لام الاستحقاق.