للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأشار لتشهير القولين بقوله: خلاف، واختلف: هل خوف الفوات ببلوغ المكلف ستين سنة، وهو لسحنون، وانفرد بتفسيقه ورد شهادته، أو


= إلا أنه يجوز تركه إلى غير بدل.
وأجيب: باختيار الشق الأول، ويقوم البدل مقام المبدل في ذلك الوقت لا في كل الأوقات فلا يلزم من الإتيان بالبدل سقوط الأمر بالمبدل. ورد بأنه إذا كان مقتضى الأمر الإتيان بتلك الماهية مرة واحدة في، أي: وقت كان، فهذا البدل قائم مقامه في هذا المعنى فقد حصل ما هو المقصود من الأمر بتمامه فوجب سقوط الأمر بالكلية، وإنما يتم ما ذكروه من الجواب بتقدير اقتضاء الأمر للتكرار، وهو باطل كما تقدم.
واحتجوا سابعًا: بأنه لو جاز التأخير لوجب أن يكون إلى وقت معين أو إلى آخر أزمنة الإمكان، والأول منتف لأن الكلام في غير المؤقت، والثاني تكليف ما لا يطلق لكونه غير معين عند المكلف، والتكليف بإيقاع الفعل في وقت مجهول تكليف بما لا يطاق.
وأجيب بالنقض الإجمالي والنقض التفصيلي، أما الاجمالي فلجواز التصريح بالإطلاق، بأن يقول الشارع: افعل ولك التأجير فإنه جائز إجماعًا، وما ذكرتم من الدليل جار فيه، وأما التفصيل، فبأنه إنما يلزم تكليف ما لا يطاق بإيجاب التأخير إلى آخر أزمنة الإمكان، أما جواز التأخير إلى وقت يعينه المكلف فلا يلزم منه تكليف ما لا يطاق لتمكنه من الامتثال في، أي: وقت أراد إيقاع الفعل فيه.
واحتج القاضي لما ذهب إليه أنه ثبت في خصال الكفارة بأنه لو أتى بإحداها أجزأ، ولو أخل بها عصى، وأن العزم يقوم مقام الفعل فلا يكون عاصيًا إلا بتركهما.
وأجيب: بأن الطاعة إنما هي بالفعل بخصوصه، فهو مقتضى الأمر؛ فوجوب العزم ليس مقتضاه.
واستدل الجويني على ما ذهب إليه من الوقف بأن الطلب متحقق، والشك في جواز التأخير فوجب الفور ليخرج عن العهدة بيقين.
واعترض عليه: بأن هذا الاستدلال لا يلائم ما تقدم له من التوقف في كون الأمر للفور وأيضًا وجوب المبادرة ينافي قوله المتقدم، حيث قال: أقطع بأن المكلف مهما أتى بالمأمور به فهو موقع بحكم الصيغة للمطلوب.
واعتراض عليه أيضًا: بأن التأخير لا نسلم أنه مشكوك فيه، بل التأخير جائز حقًّا لما تقدم من الأدلة، فالحق قول من قال: إنه لمطلق الطلب من غير تقييد بفور ولا تراخ، ولا ينافي هذا اقتضاء بعض الأوامر للفور كقول القائل: اسقني أطعمني فإنما ذلك من حيث إن مثل هذا الطلب يراد منه الفور فكان ذلك قرينة على إرادته به، وليس النزاع في مثل هذا إنما النزاع في الأوامر المجردة عن الدلالة على خصوص الفور أو التراخي كما عرفت".

<<  <  ج: ص:  >  >>