للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= وأجيب: بأن ذلك قياس في اللغة؛ لأنهم قاسوا الأمر في إفادته الفور على الخبر والإنشاء للجامع المذكور، وهو مع اتحاد الحكم غير جائز فكيف مع اختلافه فإنه في الخبر والإنشاء تعين الزمان الحاضر "للظرفية" ويمتنع ذلك في الأمر لأن الحاصل لا يطلب.
واحتجوا ثانيًا: بأن النهي يفيد الفور فكذا الأمر، والجامع بينهما كونهما طلبًا.
وأجيب: بأنه قياس في اللغة وقد تقدم بطلانه.
وأيضًا: الفور في النهي ضروري؛ لأن المطلوب الترك مستمرًّا على ما مر، بخلاف الأمر.
وأيضًا: المطلوب بالنهي وهو "الامتثال" إنما يحصل بالفور، فالفور يثبت بضرورة الامتثال لا أنه يفيد الفور، فالمراد أن الفور ضروري في الامتثال للنهي.
واحتجوا ثالثًا: بأن الأمر نهي عن الأضداد، والنهي للفور فيلزم أن يكون الأمر للفور.
وأجيب بما تقدم من الدفع بمثل هذا في الفصل الذي قبل هذا.
واحتجوا رابعًا: بأن اللَّه ذم إبليس على عدم الفور بقوله: {مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ}، حيث قال: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا}، فدل على أنه للفور، وإلا لما استحق الذم لأنه لم يتضيق عليه.
وأجيب عن هذا: بأن ذلك حكاية حال فلعله كان مقرونًا بما يدل على الفور، ولا يخفى ما في هذا الجواب من الضعف، فإنه لو كان مجرد التجويز مسوغًا لدفع الأدلة لم يبق دليل إلا وقيل فيه مثل ذلك.
وأجيب أيضًا: بأن هذا الأمر لإبليس مقيد بوقت، وهو وقت نفخ الروح في آدم بدليل قوله:
{فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ (٧٢)} فذم إبليس على تركه الامتثال للأمر في ذلك الوقت المعين.
واحتجوا خامسًا: بقوله سبحانه: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ}، وقوله تعالى: {فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ}.
وأجيب: بأن هاتين الآيتين لو دلتا على وجوب الفور لما فيهما من الأمر بالمسارعة والاستباق، لم يلزم منه دلالة نفس الأمر على الفور.
واحتجوا سادسًا: بأنه لو جاز التأخير لجاز إما إلى بدل أو إلى غير بدل، والقسمان باطلان، فالقول بجواز التأخير باطل.
أما فساد القسم الأول: فهو أن البدل هو الذي يقوم مقام المبدل من كل الوجوه فإذا أتى بهذا البدل وجب أن يسقط عنه التكليف وبالاتفاق ليس كذلك.
وأما فساد القسم الثاني: فذلك يمنع من كونه واجبًا؛ لأنه يفهم من قولنا ليس بواجب =

<<  <  ج: ص:  >  >>