(٢) جاء في الروض الأنف (١/ ٣٩٦): "ذكر ابن إسحاق أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بُعث على رأس أربعين من مولده -عليه السلام-، وهذا مروي عن ابن عباس، وجبير بن مطعم، وقباث بن أشيم، وعطاء، وسعيد بن المسيب، وأنس بن مالك، وهو صحيح عند أهل السير والعلم بالأثر، وقد روي أنه نبئ لأربعين وشهرين من مولده. وقيل لقباث بن أشيم: من أكبر: أنت، أم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ فقال: رسول اللَّه أكبر مني، وأنا أسن منه، وولد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عام الفيل، ووقفت بي أمي على روث الفيل. ويروى: خزق الطير، فرأيته أخضر محيلا، أي: قد أتى عليه حول. وفي غير رواية البكائي من هذا الكتاب: أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال لبلال: "لا يفتك صيام يوم الإثنين؛ فإني قد ولدت فيه، وبعثت فيه، وأموت فيه". وقال صفي الرحمن المبارك فوري في الرحيق المختوم: "ولما تكامل له أربعون سنة -وهي: رأس الكمال، وقيل: ولها تبعث الرسل- بدأت طلائع النبوة تلوح وتلمع، فمن ذلك أن حجرًا بمكة كان يسلم عليه، ومنها أنه كان يرى الرؤيا الصادقة؛ فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح، حتى مضت على ذلك ستة أشهر -ومدة النبوة ثلاث وعشرون سنة، فهذه الرؤيا جزء من ستة وأربعين جزءًا من النبوة- فلما كان رمضان من السنة الثالثة من عزلته -صلى اللَّه عليه وسلم- بحراء شاء اللَّه أن يفيض من رحمته على أهل الأرض، فأكرمه بالنبوة، وأنزل إليه جبريل بآيات من القرآن. وبعد النظر والتأمل في القرائن والدلائل يمكن لنا أن نحدد ذلك اليوم بأنه كان يوم الإثنين، لإحدى وعشرين مضت من شهر رمضان ليلًا، وقد وافق ١٠ أغسطس سنة ٦١٠ م، وكان عمره -صلى اللَّه عليه وسلم- إذ ذاك بالضبط أربعين سنة قمرية، وستة أشهر، و ١٢ يومًا، وذلك نحو ٣٩ سنة شمسية وثلاثة أشهر وعشرين يومًا". =