تفريع: قال في الذخيرة: إذا أكل مال المسلم اقتصر على سد الرمق، إلا أن يعلم طول طريقه فيتزود، لأن مواساته تجب إذا جاع. ولما ذكر المباح أعقبه بذكر المحرم، فقال: والمحرم النجس والمتنجس من طعام أو شراب، ومنه خنزير لحمه إجماعًا، وشحمه خلافًا لداود الظاهري، ومنه بغل وفرس وحمار على المشهور، ولو كان الحمار وحشيًا دجن تأنس وصار يعمل عليه. وأشار بلو لقول ابن القاسم: لا يحرم ما دجن، وأما الإنسي يتوحش فلا يؤكل اتفاقًا. ولما قدم الإباحة والحرمة ذكر حكمًا متوسطًا، فقال: والمكروه أكله سبع وضبع وثعلب وذئب وهر وإن وحشيًا.
قال في المدونة:"لا أحب أكل الضبع ولا الثعلب ولا الذئب ولا الهر الوحشي ولا الإنسي ولا شيء من السباع". ومذهب الموطأ التحريم، وحمل جماعة كالباجي وغيره المدونة على الكراهة، واستظهر ابن عرفة حملها على تحريم العادة. وكره فيل نحوه لابن الحاجب، لكن قال في التوضيح: الصحيح والإباحة، ولا تبعد الكراهة على أصل المذهب؛ مراعاة للخلاف. وكره كلب ماء وخنزيره مثله للجلاب، وعليه درج هنا. ابن بشير: الأقرب الإباحة. وفي المدونة: توقف مالك أن يجيب في خنزير الماء، وقال: أنتم تقولون خنزيرًا. كره شراب خليطين: تمر وزبيب، أو بسر ورطب، أو حنطة وشعير، أو أحدهما مع تين أو عسل. البساطي: والعلة خفاء القليل في جانب الكثير، فإذا خلط تمر وزبيب مثلًا فقد يتخمر ماء الزبيب ويخفى لمخالطة ماء التمر. وكره نبذ بكدباء بالمد، وهي القرع، وأدخل بالكاف ما لا منفذ فيه كالمزفت والحنتم والنقير لإسراع التغير فيه وفي كره اكل القرد قاله الباجي والطين قاله ابن الماجشون ومنعه، أي: الأكل أما القرد فحكاه ابن الحاجب، وأما الطين قاله ابن الماجشون قولان بغير ترجيح، على أنه قال في توضيحه الصحيح إباحة القرد ولم يقتصر عليه هنا.
تنبيه: ربما أشعر ذكره الحكم في أكله على منع اتخاذه وحبسه، وهو كذلك، قاله في الواضحة، وآخر الكلام على حكم القرد لاجتماعه مع الطين في الخلاف اختصار، واللَّه أعلم.