للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المؤدي فهم كل إلى خلاف فهم الآخر، ويختلف المعنى به، ويصير قولًا غير الآخر.

وعلى هذا فقول من قال في هذا المحل: (وهذا النوع من الاختلاف إنما هو في جهات محمل (١) الكتاب، وليس في آراء في الحمل على حكم مِن الأحكام، فتعد أقوالًا) (٢) غير ظاهر، فتأمله.

ويدخل في معنى التأويل: فسرت، وحملت، وقيدت، وكذا (ظاهرها) عنده؛ لأنه من فهم شارحيها.

وإذا علمت هذا ظهر لك أن ما قاله البساطي مِن قوله: (فيها)، وتبعه بعضهم غير ظاهر، وحيث صرح المصنف بأنه اصطلح على أن مراده بالتأويل فهم شارحيها لا المصطلح عليه عند الأصوليين مِن حمل اللفظ على غير ظاهره اندفع ما يورده البساطي عليه في مواضع، حيث يقول: انظر كيف جعل هذا الظاهر تأويلًا، ونحو ذلك؛ إذ لا مشاحة في الاصطلاح، ولم يجعل له اصطلاحًا في معرفة غير المؤول، ولا في كون


(١) في "ك": كامل.
(٢) هذا النص لابن غازي، ومعنى كلام شارحنا: أن الشيوخ الشارحين للمدونة متى اختلفوا في مراد المدونة عد اختلافهم أقوالًا، ولذا قال عن قول البساطي: غير ظاهر فتأمل.
وانتصر الخرشي في شرحه المختصر (١/ ٣٩) للبساطي بأنه لا يعد اختلافهم في فهم موضع من المدونة أقوالًا، إلا إذا كانت أقوالًا خارجية.
ووجه كونها لا تعد أقوالا: أن الشارح للفظ الإِمام إنما يحتج على صحة مراده يقول ذلك الإِمام، وبقرائن كلامه من عود ضمير وما أشبه، وغير الشارح من أصحاب الأقوال إنما يحتج لقوله بالكتاب والسنة، أو بغير ذلك من أصول الشريعة، فلم يقع بين الفريقين توارد؛ فلا ينبغي أن تجمع أقوالهم في المسألة، وإنما ينبغي أن يعد الكلام الذي شرحوه قولًا واحدًا، والخلاف إنما هو في تصور معناه، قاله العدوي في حاشيته على الخرشي.
قلت: وقد أقر الرماصي في حاشيته ورقة ٤ من نسخة أوقاف طرابلس ما ذهب إليه ابن غازي، فقال بعد أن ذكر كلام التتائي: هو ابن غازي، والصواب معه. واعتمد في هذا التصويب على ما حققه ابن عبد السلام في شرحه ابن الحاجب في باب الصيد.

<<  <  ج: ص:  >  >>