للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

في نفسه، ومطهر لغيره، وإما أن يصح استعماله في العادات دون العبادات، وهو الماء الطاهر؛ لأنه طاهر في نفسه غير مطهر لغيره؛ لمخالطته طاهرًا غير أحد أوصافه الثلاثة، وإما أن لا يصح استعماله في العبادات والعادات، وذلك الماء النجس، فالقسمة على هذا ثلاثية، لا ثنائية، وإذا كان ذلك كذلك فإن قوله: (وهذا خطأ، بل هما قسمان فقط) خطأ.

ثم إن السؤال يتجه له بمعرفة رأيه في حكم القسم الثاني، أي: في الماء الذي خالطه طاهر غير أحد أوصافه: أتصح العبادة به أم لا؟ فإن قال: تصح، فقد خالف ما عليه جماهير الأمة، وسبب الاختلاف مع من يذهب إلى القول بالصحة اللغة (١)، وإن قال: لا تصح به العبادة لما ذُكر من معنى


(١) الطهور بضم الطاء المصدر؛ قاله اليزيدي، والطهور بالفتح من الأسماء المتعدية وهو الذي يطهر غيره مثل الغسول الذي يغسل به وقال الحنيفة هو من الأسماء اللازمة بمعنى الطاهر سواء لأن العرب لا تفرق بين الفاعل والفعول في التعدي واللزوم فما كان فاعله لازمًا كان فعوله لازمًا بدليل قاعد وقعود ونائم ونؤوم وضارب وضروب، وهذا غير صحيح فإن اللَّه تعالى قال: {لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ} وروى جابر -رضي اللَّه عنه- أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "أعطيت خمسًا لم يعطهن نبي قبلي نصرت بالرعب مسيرة شهر وجعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا" متفق عليه، ولو أراد به الطاهر لم يكن فيه مزية لأنه طاهر في حق كل أحد، وسئل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عن التوضؤ بماء البحر فقال: "هو الطهور ماؤه الحل ميتته"، ولو لم يكن الطهور متعديًا لم يكن جوابًا للقوم حيث سألوه عن المتعدي اذ ليس كل طاهر مطهرًا وما ذكروه لا يستقيم؛ لأن العرب فرقت بين الفاعل والفعول فقالت: قاعد لمن وجد منه القعود وقعود لمن يتكرر منه ذلك فينبغي أن يفرق هاهنا وليس إلا من حيث التعدي واللزوم.
وفي معجم مقاييس اللغة لابن فارس (٣/ ٤٢٨): "والطهور: الماء. قال اللَّه تعالى: {وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا (٤٨)} [الفرقان: ٤٨]. وسمعتُ محمّد بن هارونَ الثَّقَفِي يقول: سمعتُ أحمد بن يحيى ثعلبًا يقول: الطَّهور: الطاهر، في نفسه، المُطَهِّرُ لغيرهِ".
وقالِ الأزهري في الزاهر، ص ٣٥: "ذكر الشافعي -رحمه اللَّه- قول اللَّه -تعالى-: {وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا}، وفسر الطهور على مقدار فهمه، واحتاج من بعده إلى زيادة شرح من باب اللغه فيه، فالطهور جاء على مثال فعول، وفعول في كلام العرب =

<<  <  ج: ص:  >  >>